روسيا الاتحادية دولة و قطب عملاق ، ناهضة بقوة وذكاء ، و قيادتها حكيمة ، تقود عالم متعدد الأقطاب يمثل شرق و جنوب العالم ، و تفتح ابوابها تجاه الغرب ، و هي ميزان العالم ، و زعيمة الشرق بلا منازع ، و الأكثر تمسكا بالقانون الدولي ، ولا تهادن على سيادتها ، و هو خط أحمر . و تطلق على شرقنا العربي مصطلح " القريب " ، و هي قريبة من العرب حقا ، و تختلف في معاملتها عن الغرب معنا ، فهي من أدانت حرب الإبادة في غزة ، وتطالب إسرائيل بالعودة لحدود الرابع من حزيران لعام 1967 ،وفي الوجدان العربي كل فلسطين عربية بما في ذلك التاريخية .
و الوطن العربي يتوزع جغرافيا إلى ثلاثة مناطق كبيرة ( الخليج ، و الشامية ، و شمال و ووسط أفريقيا ) ، والعلاقات الروسية – الجزائرية تحديدا عميقة تعود لزمن الاتحاد السوفيتي ، ولبدايات الحرب الباردة ، و سباق التسلح منذ أواسط القرن الماضي ، لعام 1962 ، و تجددت عام 1991 بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي و بداية بناء روسيا الحديثة التي شهدت صعودا ملاحظا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين ، الزعيم الروسي الفولاذي الذي صمد وبلاده في وجه التحديات الداخلية و الخارجية سنين طويلة . وفي عام 2001 زار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتوفليقه موسكو ، وزار الرئيس بوتين الجزائر العاصمة لمواصلة بناء علاقات استراتيجية متطورة ، وزارها سيرجي لافروف وزير الخارجية المخضرم و القدير عام 2005 ، و عاد الرئيس بوتوفليقه وزار موسكو عامي 2006 و 2008 ، وزار محمد بجاوي وزير الخارجية الجزائري موسكو عام 2006 .
و للجزائر تاريخ نضالي جبار مع الاستعمار الفرنسي الذي دحرته بعد قرن واثنين و ثلاثين سنه ( 1830/ 1962 ) ، قدمت خلاله مليون و نصف المليون شهيد ، و تحول للقب أطلق على الجزائر البلد العربي منذ تاريخ استقلاله عام 1962، و تعتز به ، و كل العرب أيضا . و اللغة العربية الرسمية في الجزائر و تحتل الرقم 1 ، و اللغة الامازيغية هي الرسمية فيها و تتبوأ الرقم 2 ، حسب دستور الجزائر لعام 1962 ، وهو عام الاستقلال . وهوية الشعب الجزائري المناضل الإسلام ، و العروبة ، و الأمازيغية . وهي بلد بترولي متميز ، وتحتل المرتبة الثانية في مجال احتياطه على مستوى أفريقيا ( 20 ، 12 ) مليار برميل ، و رقم 16 على مستوى العالم ، و الرقم 9 عالميا في انتاج الغاز الطبيعي الذي تصدر قسما كبيرا منه لأوروبا . و 73 % من أسحتها روسية ، و سبق للجزائر توقيع صفقة سلاح مع روسيا بقيمة 7,5 مليار دولار ، وسبق لماركو روبيو رئيس لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ الأمريكي - وزير الخارجية الأمريكية - الأن أن وجه لفرض عقوبات على الجزائر عام 2022 بسبب الصفقة العسكرية تلك ، و أعاد الجزائر أعدادا من الطائرات العسكرية الروسية لموسكو بسبب غامض ، لكن السبب الأصح هو التدخل الأمريكي في حجم الصفقة العسكرية الجزائرية و بالتنسيق مع إسرائيل كما يتضح . وعملت موسكو على تطوير الطائرات العسكرية المرتجعة و اعادتها من جديد للجزائر .
و الجزائر من بلدان العرب المطلة على البحر الأبيض المتوسط ،و بمساحة تفوق 2 مليون كلم2 ،و بعدد سكان تجاوز 44 مليون نسمة ، وهو محادد لتونس ،و المغرب – الصحراء الغربية ، و من موريتانيا و مالي . و تاريخ الجزائر عميق جدا يعود لعصر النوميدي ،و الفنيقي ،و البونيفي ،و الروماني ، و البيزنطي . و للأمويين و العباسيين و الفاطميين و البيزنطيين . و الاحتلال الفرنسي احتل مساحة واسعة من القرن التاسع عشر من عمر الدولة الجزائرية . و الجزائر عضو مؤسس في الاتحاد الأفريقي ، و الاتحاد المغاربي ، وجامعة الدول العربية ، و الأمم المتحدة ،و عضو فاعل في مؤسسة ( أوبيك ) النفطية .
حاول الغرب استغلال الحرب الأوكرانية التي اندلعت عام 2022 لخدش العلاقات الجزائرية – الروسية ، لكنه فشل في مسعاه ، وحاولت السفارة الأوكرانية في الجزائر العاصمة الإعلان عن حاجة نظام أوكرانيا -في الجناح الغربي الأوكراني ، لمقاتلين جزائريين في الحرب الأوكرانية ، لكن الدولة الجزائرية أفشلت المشروع في مهده ، و ذهبت للحياد ،وهي تقيم علاقات متوازنة مع روسيا و مع أوكرانيا و مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، و مع دول العالم و بتوازن .
وصل حجم التبادل التجاري بين روسيا و الجزائر عام 2024 إلى مليار و سبعة ملايين دولار أمريكي ،و شهد عام 2000 قبل ذلك عودة الشركات الروسية للجزائر ،و ساعدت روسيا الجزائر في التنقيب عن النفط و الغاز . و شهدت الأعوام 2018 و 2022 مشاركات عسكرية روسية جزائرية في شرق روسيا ، و مناورات بحرية لاحقا ، و صولات في مجال مكافحة الارهاب تحت إسم مكافحة الارهاب . و تنسجم روسيا مع موقف الجزائر الرسمي الداعي لوقف الحرب في غزة وقتها ( 2023 / 2025 ) وعبر مجلس الأمن ، و في ادانة حرب الإبادة التي تعرض لها الفلسطينيون في غزة ، و التي راح ضحيتها أكثر من 47 الفا من المدنيين الفلسطينيين من بينهم أكثر من 17 الفا من الأطفال ، ومعهم جزءا من اللبنانيين ، ولامست اليمن. وفي إعادة القضية الفلسطينية لمسارها الصحيح و العادل . وتعتبر القضية الفلسطينية من القضايا المركزية المهمة للجزائر ،و أصبحت أكثر أهمية بعد السابع من أكتوبر 2023 الذي عبر عن مظلمة القضية وسط أعوام 1948 و 2023 ،و عن تطاولات إسرائيل السابقة و اللاحقة على الإنسان الفلسطيني و العربي و على المقدسات ، و في مقدمتها الأقصى المبارك. ومساعدات إنسانية من طرف الدولة الجزائرية بلغت 104 طنا . و الموقف الشعبي الجزائري تجاه أهل فلسطين كبير و تاريخي ،و على كافة المستويات ومنها الرياضية ، و مظاهرات شعبية مساندة .و الصحافة الجزائرية خرجت بعنوان واحد ( غزة..إعلام يغتال الحقيقة ) ، و رفض جزائري رسمي و شعبي للتهجير .و التاريخ الجزائري شاهد عيان على الارتباط بفلسطين روحيا و عقائديا ،باعتبار فلسطين أرضا مقدسة ،و مباركة .و الجزائريون لا يميزون بين مدينة القدس و مكة المكرمة و المدينة المنورة ، وسبق للرئيس الجزائري الراحل -هواري بومدين - أن قال " نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة " . و شارك الجزائريون في التاريخ المعاصر في جيش نور الدين زنكي ، و جيش صلاح الدين الأيوبي لتحرير بيت المقدس .
فوز روسيا الاتحادية الساحق على نظام " كييف " و حلف " الناتو " في الحرب الأوكرانية ( 2022 / 2025 ) سيعيد الحسابات الاستراتيجية الجزائرية ، العسكرية و الاقتصادية ، لصالح روسيا مع ابقاء الباب مفتوحا على دول العالم ترسيخا لمنظور عدم الانحياز و تنويع مصادر السلاح و الاقتصاد ، ولا ضرر في ذلك على مستقبل الدولة الجزائرية العربية ، ومنذ البداية كان الاعتماد الجزائري الأكبر في الحصول على السلاح من روسيا وبنسبة مئوية كبيرة بلغت 73% مقابل ، 7% للصين ، و6% لألمانيا ،و 3% لأيطاليا . وفي نهاية المطاف من حق الجزائر أن تتحرك شرقا و غربا للمحافظة على استقلالها و ازدهارها ،وعلى عرينها العربي الشامخ.