أخبار الأردن اقتصاديات دوليات مغاربيات خليجيات برلمانيات جامعات وفيات مناسبات مجتمع رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: روسيا والجزائر علاقات مميزة


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: روسيا والجزائر علاقات مميزة

مدار الساعة ـ
روسيا الاتحادية دولة و قطب عملاق ، ناهضة بقوة وذكاء ، و قيادتها حكيمة ، تقود عالم متعدد الأقطاب يمثل شرق و جنوب العالم ، و تفتح ابوابها تجاه الغرب ، و هي ميزان العالم ، و زعيمة الشرق بلا منازع ، و الأكثر تمسكا بالقانون الدولي ، ولا تهادن على سيادتها ، و هو خط أحمر . و تطلق على شرقنا العربي مصطلح " القريب " ، و هي قريبة من العرب حقا ، و تختلف في معاملتها عن الغرب معنا ، فهي من أدانت حرب الإبادة في غزة ، وتطالب إسرائيل بالعودة لحدود الرابع من حزيران لعام 1967 ،وفي الوجدان العربي كل فلسطين عربية بما في ذلك التاريخية .
و الوطن العربي يتوزع جغرافيا إلى ثلاثة مناطق كبيرة ( الخليج ، و الشامية ، و شمال و ووسط أفريقيا ) ، والعلاقات الروسية – الجزائرية تحديدا عميقة تعود لزمن الاتحاد السوفيتي ، ولبدايات الحرب الباردة ، و سباق التسلح منذ أواسط القرن الماضي ، لعام 1962 ، و تجددت عام 1991 بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي و بداية بناء روسيا الحديثة التي شهدت صعودا ملاحظا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين ، الزعيم الروسي الفولاذي الذي صمد وبلاده في وجه التحديات الداخلية و الخارجية سنين طويلة . وفي عام 2001 زار الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتوفليقه موسكو ، وزار الرئيس بوتين الجزائر العاصمة لمواصلة بناء علاقات استراتيجية متطورة ، وزارها سيرجي لافروف وزير الخارجية المخضرم و القدير عام 2005 ، و عاد الرئيس بوتوفليقه وزار موسكو عامي 2006 و 2008 ، وزار محمد بجاوي وزير الخارجية الجزائري موسكو عام 2006 .
و للجزائر تاريخ نضالي جبار مع الاستعمار الفرنسي الذي دحرته بعد قرن واثنين و ثلاثين سنه ( 1830/ 1962 ) ، قدمت خلاله مليون و نصف المليون شهيد ، و تحول للقب أطلق على الجزائر البلد العربي منذ تاريخ استقلاله عام 1962، و تعتز به ، و كل العرب أيضا . و اللغة العربية الرسمية في الجزائر و تحتل الرقم 1 ، و اللغة الامازيغية هي الرسمية فيها و تتبوأ الرقم 2 ، حسب دستور الجزائر لعام 1962 ، وهو عام الاستقلال . وهوية الشعب الجزائري المناضل الإسلام ، و العروبة ، و الأمازيغية . وهي بلد بترولي متميز ، وتحتل المرتبة الثانية في مجال احتياطه على مستوى أفريقيا ( 20 ، 12 ) مليار برميل ، و رقم 16 على مستوى العالم ، و الرقم 9 عالميا في انتاج الغاز الطبيعي الذي تصدر قسما كبيرا منه لأوروبا . و 73 % من أسحتها روسية ، و سبق للجزائر توقيع صفقة سلاح مع روسيا بقيمة 7,5 مليار دولار ، وسبق لماركو روبيو رئيس لجنة المخابرات بمجلس الشيوخ الأمريكي - وزير الخارجية الأمريكية - الأن أن وجه لفرض عقوبات على الجزائر عام 2022 بسبب الصفقة العسكرية تلك ، و أعاد الجزائر أعدادا من الطائرات العسكرية الروسية لموسكو بسبب غامض ، لكن السبب الأصح هو التدخل الأمريكي في حجم الصفقة العسكرية الجزائرية و بالتنسيق مع إسرائيل كما يتضح . وعملت موسكو على تطوير الطائرات العسكرية المرتجعة و اعادتها من جديد للجزائر .
و الجزائر من بلدان العرب المطلة على البحر الأبيض المتوسط ،و بمساحة تفوق 2 مليون كلم2 ،و بعدد سكان تجاوز 44 مليون نسمة ، وهو محادد لتونس ،و المغرب – الصحراء الغربية ، و من موريتانيا و مالي . و تاريخ الجزائر عميق جدا يعود لعصر النوميدي ،و الفنيقي ،و البونيفي ،و الروماني ، و البيزنطي . و للأمويين و العباسيين و الفاطميين و البيزنطيين . و الاحتلال الفرنسي احتل مساحة واسعة من القرن التاسع عشر من عمر الدولة الجزائرية . و الجزائر عضو مؤسس في الاتحاد الأفريقي ، و الاتحاد المغاربي ، وجامعة الدول العربية ، و الأمم المتحدة ،و عضو فاعل في مؤسسة ( أوبيك ) النفطية .
حاول الغرب استغلال الحرب الأوكرانية التي اندلعت عام 2022 لخدش العلاقات الجزائرية – الروسية ، لكنه فشل في مسعاه ، وحاولت السفارة الأوكرانية في الجزائر العاصمة الإعلان عن حاجة نظام أوكرانيا -في الجناح الغربي الأوكراني ، لمقاتلين جزائريين في الحرب الأوكرانية ، لكن الدولة الجزائرية أفشلت المشروع في مهده ، و ذهبت للحياد ،وهي تقيم علاقات متوازنة مع روسيا و مع أوكرانيا و مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ، و مع دول العالم و بتوازن .
وصل حجم التبادل التجاري بين روسيا و الجزائر عام 2024 إلى مليار و سبعة ملايين دولار أمريكي ،و شهد عام 2000 قبل ذلك عودة الشركات الروسية للجزائر ،و ساعدت روسيا الجزائر في التنقيب عن النفط و الغاز . و شهدت الأعوام 2018 و 2022 مشاركات عسكرية روسية جزائرية في شرق روسيا ، و مناورات بحرية لاحقا ، و صولات في مجال مكافحة الارهاب تحت إسم مكافحة الارهاب . و تنسجم روسيا مع موقف الجزائر الرسمي الداعي لوقف الحرب في غزة وقتها ( 2023 / 2025 ) وعبر مجلس الأمن ، و في ادانة حرب الإبادة التي تعرض لها الفلسطينيون في غزة ، و التي راح ضحيتها أكثر من 47 الفا من المدنيين الفلسطينيين من بينهم أكثر من 17 الفا من الأطفال ، ومعهم جزءا من اللبنانيين ، ولامست اليمن. وفي إعادة القضية الفلسطينية لمسارها الصحيح و العادل . وتعتبر القضية الفلسطينية من القضايا المركزية المهمة للجزائر ،و أصبحت أكثر أهمية بعد السابع من أكتوبر 2023 الذي عبر عن مظلمة القضية وسط أعوام 1948 و 2023 ،و عن تطاولات إسرائيل السابقة و اللاحقة على الإنسان الفلسطيني و العربي و على المقدسات ، و في مقدمتها الأقصى المبارك. ومساعدات إنسانية من طرف الدولة الجزائرية بلغت 104 طنا . و الموقف الشعبي الجزائري تجاه أهل فلسطين كبير و تاريخي ،و على كافة المستويات ومنها الرياضية ، و مظاهرات شعبية مساندة .و الصحافة الجزائرية خرجت بعنوان واحد ( غزة..إعلام يغتال الحقيقة ) ، و رفض جزائري رسمي و شعبي للتهجير .و التاريخ الجزائري شاهد عيان على الارتباط بفلسطين روحيا و عقائديا ،باعتبار فلسطين أرضا مقدسة ،و مباركة .و الجزائريون لا يميزون بين مدينة القدس و مكة المكرمة و المدينة المنورة ، وسبق للرئيس الجزائري الراحل -هواري بومدين - أن قال " نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة " . و شارك الجزائريون في التاريخ المعاصر في جيش نور الدين زنكي ، و جيش صلاح الدين الأيوبي لتحرير بيت المقدس .
فوز روسيا الاتحادية الساحق على نظام " كييف " و حلف " الناتو " في الحرب الأوكرانية ( 2022 / 2025 ) سيعيد الحسابات الاستراتيجية الجزائرية ، العسكرية و الاقتصادية ، لصالح روسيا مع ابقاء الباب مفتوحا على دول العالم ترسيخا لمنظور عدم الانحياز و تنويع مصادر السلاح و الاقتصاد ، ولا ضرر في ذلك على مستقبل الدولة الجزائرية العربية ، ومنذ البداية كان الاعتماد الجزائري الأكبر في الحصول على السلاح من روسيا وبنسبة مئوية كبيرة بلغت 73% مقابل ، 7% للصين ، و6% لألمانيا ،و 3% لأيطاليا . وفي نهاية المطاف من حق الجزائر أن تتحرك شرقا و غربا للمحافظة على استقلالها و ازدهارها ،وعلى عرينها العربي الشامخ.
مدار الساعة ـ