أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات مناسبات مجتمع رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية شهادة مستثمرون جاهات واعراس الموقف دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

بني عامر يكتب: ضمان استمرارية تمثيل الشباب والمرأة في البرلمان: رؤية تشريعية محصنة


الدكتور عامر بني عامر

بني عامر يكتب: ضمان استمرارية تمثيل الشباب والمرأة في البرلمان: رؤية تشريعية محصنة

مدار الساعة ـ
جاء قانون الانتخاب الأردني لعام 2022 ليعكس توجهًا تشريعيًا يعزز المشاركة الحزبية ويدعم تمثيل الشباب والمرأة، ليس كإجراء شكلي، بل كخطوة فعلية نحو تمكينهم سياسيًا، والفلسفة التي قامت عليها نقاشات اللجنة الملكية في صياغة هذا التشريع كانت قائمة على ضمان وصول الشباب والمرأة لقبة البرلمان، حيث حرص القانون على وضعهم في مواقع متقدمة داخل القوائم الحزبية لضمان فرصهم الحقيقية في الفوز، مع توفير آلية تحصّين هذا التمثيل بعد الانتخابات، وهو ما أكدته اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
ألزم القانون القوائم الحزبية بوجود امرأة ضمن أول ثلاثة مرشحين، وأخرى ضمن ثاني ثلاثة مرشحين، وشاب تحت 35 عامًا ضمن أول خمسة مرشحين في القائمة، هذا الترتيب لم يكن عشوائيًا، بل لضمان حصولهم على فرصة واقعية للفوز، وليس مجرد استيفاء لمتطلبات شكلية.
ولحماية هذا التمثيل بعد الانتخابات، نصّت المادة (58/3) على أنه في حال شغور مقعد مخصص للمرأة أو الشباب، يُشغل بمترشح من ذات الفئة داخل القائمة الحزبية، وإن تعذّر ذلك، يتم ملؤه وفق المادة (58/1)، هذا النص يمنع أي محاولات تؤدي إلى إقصاء الشباب والنساء بعد الانتخابات، مما يعزز الهدف الأساسي للقانون في ضمان استمراريتهم في التمثيل والعمل السياسي.
رغم ذلك، يرى البعض أن القانون لم يخصص مقاعد محددة للشباب والنساء كما فعل مع مقاعد الكوتا للمسيحيين والشركس والشيشان، وبالتالي فإن أي مقعد شاغر يجب أن يُملأ حسب ترتيب المرشحين في القائمة بغض النظر عن الفئة، غير أن هذا التفسير لم يأخذ بعين الاعتبار أن القانون ضمن التمثيل لهذه الفئات من خلال تحديد الترشح لهذه الفئة بمقدمة القائمة وليس من خلال تخصيص مقعد كوتا، وبناءً على ذلك لا يمكن استبدالهم لاحقًا بمرشحين آخرين من فئات مختلفة.
سعى المشرع الأردني إلى خلق مناخ سياسي متوازن، يضمن مشاركة فعلية للشباب والمرأة في البرلمان، وليس مجرد إدراجهم كأسماء خلال مرحلة الترشح ثم إقصاؤهم لاحقًا، لذا، فإن أي محاولة للالتفاف على المادة (58/3) عبر تفسيرات قانونية تتعارض مع جوهر القانون، تعني العودة إلى ممارسات سابقة تعيق عملية التحديث السياسي وتراجعاً عن فلسفة وأهداف قانون الانتخاب والتحديث السياسي.
القانون تعامل مع هذه القضية بوضوح وعدالة؛ فكما أن الأحزاب مُلزمة بترشيح الشباب والنساء، فهي أيضًا مُلزمة باستبدالهم بأشخاص من ذات الفئة عند شغور مقاعدهم في حال وجودهم في القائمة، إلغاء هذا الشرط يعني تقويض مبدأ تكافؤ الفرص وإعادة إنتاج المشهد التقليدي حيث يكون إدراج الشباب والمرأة مجرد استيفاء شكلي.
مرة أخرى، وفي ظل الجدل حول تفسير المادة (58/3)، يجب التأكيد على أن الهدف منها هو ضمان مشاركة جميع الفئات بفعالية في الحياة السياسية، وليس السماح بتغيير مقاعد الشباب والمرأة بعد الانتخابات، وإن حماية هذا النص ليست قضية تقنية، بل مسألة جوهرية تتعلق بمستقبل الديمقراطية في الأردن، وضمان تمثيل عادل يعكس الإرادة الشعبية الحقيقية، والبرلمان يجب أن يكون صورة صادقة للمجتمع، وليس انعكاسًا لمعادلات سياسية متغيرة، وهنا تكمن أهمية المادة (58/3) باعتبارها الضامن التشريعي لاستمرار تمثيل الشباب والمرأة في مواقعهم كما أراد المشرّع الأردني.
مدار الساعة ـ