مدار الساعة - كتب د. محمد جودة:
تحليل: م. رائد الصعوب باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي:
مع كل منخفض جوي يحمل معه بردًا قارسًا، نجد أن شوارع الأردن والجسور تتعرض للانجماد، مما يؤدي إلى إغلاق الطرق، تعطل الحياة اليومية، ووقوع الحوادث. في المقابل، هناك حلول عملية تُطبَّق في دول أخرى مثل إيطاليا، حيث تقوم البلديات برش الطرق بالملح لمنع تشكّل الجليد، مما يسمح باستمرار الحركة بأمان حتى في درجات حرارة تصل إلى -10 درجات مئوية.
الموارد المحلية: البحر الميت كمصدر غير مستغلّ
الأردن يمتلك أحد أغنى المصادر الطبيعية للملح في العالم، وهو البحر الميت، الذي يحتوي على ملايين الأطنان من الأملاح. ورغم ذلك، فإن استخدام الملح لإذابة الجليد على الطرق لا يزال شبه معدوم، حيث تلجأ الجهات المعنية غالبًا إلى حلول أخرى مثل إغلاق الطرق أو الاعتماد على معدات إزالة الثلوج، والتي ليست دائمًا فعالة بالدرجة المطلوبة.
كيف يعمل الملح في منع الانجماد؟
عندما يُرش الملح على الطرق قبل وصول المنخفضات الجوية، فإنه يذوب في الماء مكوّنًا محلولًا ملحيًا يقلل درجة تجمد الماء. هذا يعني أن المياه على سطح الطريق لن تتجمد حتى لو انخفضت درجات الحرارة إلى مستويات متدنية، مما يمنع تشكّل الجليد ويحافظ على سلامة السائقين والمشاة.
التحديات والحلول
قد يكون هناك عدة أسباب لعدم تبني هذه الطريقة في الأردن، منها:
• عدم وجود خطة واضحة: قد تفتقر الجهات المعنية إلى خطة استراتيجية لاستخدام الملح بشكل فعّال.
• التكلفة واللوجستيات: رغم توفر الملح محليًا، فإن جمعه، معالجته، وتوزيعه يحتاج إلى بنية تحتية وتنظيم.
• تأثير البيئة: هناك مخاوف من تأثير الملح على التربة والمياه الجوفية، ولكن يمكن دراسة استخدام أنواع معينة من الأملاح أو كميات مدروسة لتقليل التأثير البيئي.
الحل: استراتيجية وطنية لاستخدام الملح
إذا تم استغلال الملح المتوفر في البحر الميت بطريقة منظمة، يمكن للأردن الاستفادة منه لمكافحة الانجماد، تمامًا كما تفعل الدول الأوروبية. يمكن أن تتضمن الاستراتيجية:
• إنشاء وحدة متخصصة ضمن البلديات مسؤولة عن تخزين ورش الملح على الطرق.
• تطوير نظام إنذار مبكر لرش الملح قبل العواصف الثلجية.
• دراسة الأثر البيئي ووضع ضوابط لاستخدام الملح بطريقة مستدامة.
• إشراك القطاع الخاص في إنتاج وتوزيع الملح للاستخدام الشتوي.
خاتمة
إن استغلال مواردنا الطبيعية بحكمة يمكن أن يكون الحل لمشكلة تتكرر سنويًا وتؤدي إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة. استخدام الملح من البحر الميت لمكافحة الانجماد هو خيار منطقي وعملي، لكن يحتاج إلى إرادة سياسية وإدارية لتنفيذه بشكل منهجي ومستدام.
تحليل المقال بواسطة م. رائد الصعوب
السياق المحلي والدولي
• الأردن يعاني من البنية التحتية غير المهيأة لمواجهة الأحوال الجوية القاسية، رغم وجود موارد طبيعية يمكن استخدامها بفعالية.
• دول مثل كندا، السويد، وإيطاليا تعتمد على الملح بشكل أساسي في الحد من الانجماد، مما يقلل الحوادث ويحافظ على تدفق المرور.
الفرص الكامنة
• الاستفادة الاقتصادية: يمكن تحويل استغلال الملح إلى قطاع اقتصادي جديد يدر أرباحًا ويوفر وظائف.
• التحكم في الأضرار البيئية: عبر تطوير خليط ملحي صديق للبيئة بأقل تأثير على التربة والمياه الجوفية.
• تعزيز السلامة المرورية: مما يحد من الحوادث، يقلل الضغط على المستشفيات، ويحسن الاقتصاد اليومي.
التحديات الرئيسية
• غياب التخطيط المسبق: عدم وجود بروتوكول واضح لاستخدام الملح.
• التكلفة الأولية: تحتاج الحكومة إلى استثمارات أولية في عمليات الاستخراج، النقل، والتوزيع.
• التأثيرات البيئية: بعض أنواع الملح تؤثر سلبًا على البيئة، مما يستدعي دراسة دقيقة لتقليل الضرر.
التوصيات العملية
إطلاق برنامج تجريبي في مناطق مختارة لمعرفة فعالية رش الملح في تقليل الحوادث.
تطوير شراكة بين القطاعين العام والخاص لضمان تمويل المشروع واستدامته.
استخدام التكنولوجيا مثل أجهزة الاستشعار لرصد حالة الطرق وإطلاق الإنذارات المبكرة.
دعم البحث العلمي لدراسة أفضل أنواع الملح المناسبة للأردن.
الخلاصة
استخدام ملح البحر الميت لمكافحة الانجماد ليس مجرد فكرة نظرية، بل حل واقعي مجرب عالميًا. إذا تم تنفيذه بذكاء، يمكن أن يحسن السلامة العامة، يدعم الاقتصاد، ويقلل من تأثير العواصف الشتوية على الحياة اليومية في الأردن. التحدي الأكبر ليس في توفر الملح، بل في الإرادة والقدرة على تحويل الفكرة إلى واقع مستدام.