عندما يتوقف إطلاق النار وتسكت حمم الموت قليلا .. يشعر الناس بالراحة وقليل من الاسترخاء.. وتبدأ مجادلات النصر والهزيمة وتكثر التحليلات حول: من المخطئ ومن المتسبب ومن يتحمل المسؤولية..!! من أجل صرف الأنظار عن خطوات الحل النهائي الذي يجري على قدم وساق..
ومن هنا ينبغي أن نعلم أن هذه الفترة من أخطر مراحل الحرب على الإطلاق، لأنها مليئة بالمؤامرات الأشد مكرا ودهاء وخبثا.. حيث تسعى الأطراف المخططة والمتآمرة الى استكمال الأهداف التي لم يتم إنجازها بالقوة والعنف والحرب المتوحشة..
دعونا نفكر بهدوء.. حتى نفهم بعض ما يجري في هذه اللحظات العصيبة..
تتلخص أهداف الحرب المتوحشة التي شنت على غزة بهدفين كبيرين معلنيين:
الأول: تصفية المقاومة المسلحة، وإنهاء وجودها المادي على الأرض، في فلسطين وفي المنطقة بأسرها، هذا الهدف الاسرائيلي الأمريكي قديم ومتفق عليه ويجري العمل المشترك على تحقيقه منذ زمن بعيد، لكن الجديد الخطير في هذا الموضوع ان هذا الهدف اصبح يحظى بتوافق عربي أغلبي ساحق، وجرى إظهار هذا التوافق الى العلن.. لقد تم تاكيد ذلك عبر عدة اجتماعات مشتركة سرية ومعلنة..
الهدف الثاني: تهجير الفلسطينيين من أرضهم وديارهم من كل فلسطين التاريخية، رغم أن التهجير لم يتوقف لحظة منذ سنة 48.. إلا أن هذه الحرب كانت تشكل خطوة كبيرة حاسمة في تفريغ الأرض بشكل كلي؛ خاصة في غزة على وجه التاكيد والفعل الذي ما زال جاريا على الأرض يؤكد ذلك، اثناء الحرب وبعد الحرب.. مع ملاحظة أن هذا الهدف لم يحظ بتوافق عربي كما الهدف الأول..
السؤال: عن ماذا اسفرت الحرب المتوحشة على غزة فيما يتعلق بالأهداف السابقة..؟
بالنسبة للهدف الأول فقد تم اغتيال نخبة مهمة من الصف القيادي الأول للمقاومة في غزة، وخسرت حماس والمقاومة شيئا من قوتها لم يتم الوقوف عليه بشكل دقيق حتى الآن.. لكن في ظل الحصار المحكم من الأعداء والأصدقاء فقد تم حدوث ضرر كبير بلا شك .. وما حدث لحزب الله فهو اشد وضوحا حيث جرى التخلص من راس الحزب ومن خلفه من القيادات في الصف الأول والثاني بطريقة صاعقة لم تخل من مؤامرة محكمة من اشد الحلفاء قربا ...!! كما تم التخلص من قيادات الحرس الثوري وجيش القدس الإيراني بطريقة منظمة لا تخلو من اختراقات بالغة الخطورة ..
والأمر المهم في هذا السياق أن المقا.ومة في غزة ظهرت محتفظة بقوة ومعنوية كبيرة، وكانت رسالتها واضحة في عملية تسليم الأسرى، ومن المعروف أن المقاومة لديها قدرة على تجديد صفوفها القيادية في كل مرة ..
بالنسبة للهدف الثاني: لم ينجح التهجير رغم حرب الإبادة الشاملة وكل جرائم الحرب المتوحشة.. ورأينا جميعا عودةجموعالمهجرين.