يجتمع قادة السعودية والأردن ومصر وقطر والإمارات، بمشاركة وزير الخارجية الأمريكي ومستشار الأمن القومي في العشرين من هذا الشهر في الرياض، لبحث الخطة العربية البديلة لمقترح (التهجير) الذي قدمه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
ومن المفترض أن يحدد هذا الاجتماع البدائل المقترحة التي سيتم مناقشتها في القمة العربية الطارئة والاستثنائية، التي ستُعقد في أواخر الشهر الحالي في القاهرة، والتي ستكون قمة مصيرية في تحديد اليوم التالي للحرب في قطاع غزة، إذا ما استمر وقف إطلاق النار بين الجانبين حركة حماس والاحتلال الاسرائيلي والانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق.
لقد شكل اقتراح الرئيس الأمريكي بخصوص مسألة التهجير صدمة للفلسطينيين والعالم العربي والدولي، مما جعل الدول العربية تبدأ بالبحث عن سيناريوهات بديلة للتهجير، بحيث يتم إعادة الإعمار دون الحاجة لتهجير السكان من القطاع. وأعتقد أن هذا ما كان يريده ترامب من هذا المقترح، وهو أن تتحمل الدول العربية مسؤولية "اليوم التالي" من الحرب في قطاع غزة.
إن الانتقال من حالة الحرب إلى السلام يحتاج إلى مرحلة انتقالية. وقد طُرحت عدة سيناريوهات لهذه المرحلة منذ بداية الحرب، وكان أبرز هذه السيناريوهات هو وجود قوات عربية في القطاع تشرف على عملية إعادة الإعمار، وتحفظ الأمن، وتمنع حماس من التحكم بالقطاع. لكن، رفضت الدول العربية المعنية هذا المقترح عند طرحه وتداوله في الفترات السابقة. كما رفضته حركة حماس، التي أكدت إن أي وجود لقوات عربية سيُعتبر بمثابة قوات معادية وسيتم التصدي لها.
أما اليوم، فيُعاد طرح هذا المقترح من جديد، مع اختلاف الظروف ووجود إدارة أمريكية جديدة، والدمار الهائل الذي سببه الاحتلال في قطاع غزة، فضلاً عن مقترح تهجير أهل القطاع. فكل هذه العوامل مجتمعة جعلت من هذا المقترح يأخذ حيزاً كبيراً وجاداً من النقاش في الدول العربية التي كانت ترفضه سابقاً. إلا أن التخوفات من مثل هذا الطرح تتمثل في تبعاته الخطيرة، وأهمها أنه قد ينقل المواجهة المباشرة بين حركة حماس والاحتلال إلى مواجهة بين الدول العربية وحركة حماس، علماً بأن الحركة قد أكدت على أنها لا تريد حكم غزة، لكنها أيضاً قالت أنها لن تتخلى عن السلاح وفكر المقاومة، ولن تقبل بوجود قوات عربية على أرض غزة.
وهنا يأتي مقترح "الصدمة" (التهجير) ليضع حماس – إذا تم هذا السيناريو – أمام خيارين: إما القبول بقوات عربية تدير القطاع وتلقي السلاح، أو أن يُهجّر أهل غزة طوعاً أو قسراً من القطاع، وهو ما سيجعل الحركة والدول العربية أمام اختبار صعب وحاسم في تطبيق هذا المسار، دون أن يؤدي إلى مواجهة مباشرة، وهو ما نأمل تجنبه وعدم الوصول اليه.
أما السيناريو الآخر - الاقل تداولاً - والذي رفضه الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية، فهو عودة السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع والإشراف على إعادة الإعمار بالتعاون مع الدول العربية. إلا أن هذا المقترح – بوجهة نظر الاحتلال وأمريكا- يبقي حركة حماس على الأرض بمقاومتها وشعبيتها وسلاحها، فضلاً عن أنه قد يؤدي إلى عودة الاقتتال الداخلي بين السلطة وحركة حماس.
إن خطر هذه السيناريوهات يتمثل في أنها ستنقل المواجهة بين حماس والاحتلال إلى مواجهة بين الدول العربية وحماس، أو بين الأخيرة والسلطة الفلسطينية، وكل منهما مُر. لذلك، على الدول العربية المعنية بحث كافة الجوانب عند نقاش أيٍ من هذه السيناريوهات المحتملة لتجنب هذه المواجهات الخطيرة.