عند تناول الحديث عن الفساد يتم التركيز من قبل اغلب الناس على الفساد المالي والإداري وينصب البحث والتفكير فيهما فقط
وذلك لان هذين القطاعين يشغلان تفكير واهتمام الناس بشكل مباشر لأثر الفساد في الفقر والبطالة والارتفاع الجنوني للأسعار وما ينتج عن ذلك من قضايا اجتماعية واقتصادية لا حصر لها
لكن الأثر الأعمق والذي يغفل عنه السواد الأعظم من الناس هو الأثر السياسي للدول التي ينخر فيها الفساد
فالفساد في بعض الدول النامية ودول العالم الثالث يؤدي انبطاح تلك الدول لسياسات الدول الداعمة والمانحة والتي هي على الأغلب دول استعمارية
والتي تسعى أن تبقي هذه الدول في حالة فقر لا بل واكاد اجزم بانها ومن خلال سفاراتها تتبنى الفاسدين ووضعهم في مراكز متقدمة في الدولة
والذين يساعدون في عدم تطور الدولة ومحاربة التنمية وزيادة البيروقراطية وغيرها من ممارسات تبقي الدولة مرهونة في قراراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في يد تلك الدول
الأمر الذي من شأنه ان يجعل البلاد تتخبط في الكثير من المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الداخلية والخارجية
فتجدها تارة تنظم قوانين جديدة تتماها مع رغبات بعض الدول ثم تغيرها لإرضاء دولة أخرى ثم تحاول ان تتخذ موقف سياسي معين يرضي او بامر من دولة أخرى
حتى وان كان ذلك يتعارض مع دينها وأعرافها وقيمها ومعتقداتها ومبادئها
لذا تجد التخبط في تلك الدول في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وحتى والتعليمية المتمثلة بالتلاعب بالمناهج الدراسية التي تزعج في بعض موادها العامة بعض تلك الدول
وهذا الفساد يصل إلى مستوى أعلى من ذلك بحيث تصبح تلك الدول لا تملك من امرها شي لدرجة أنها لا تستطيع ان تفعل شيئا بحق بعض مواطنيها الذين اصبحوا اصحاب حضوة لدى سفارات تلك الدول التي اشرنا لها وأصبح هؤلاء الأشخاص مفروضين على الدولة بان يصبحوا في الصف الاول لما يقدموه من خدمة لتنفيذ سياسات سفارات تلك الدول
والأدهى من ذلك هو ان هؤلاء يهيئون الأرضية لتصبح جاهزة للاستعمار المباشر
لانه من المؤشرات ان الدول الاستعمارية وكانّها تريد ان تعود للاستعمار المباشر بدلاً من الاستعمار الغير المباشر الذي امتد قرابة المئة عام السابقة
لذا فالفساد لا يقتصر على الأثر الداخلي فقط للدول ولكن يتعدى ذلك إلى رهن تلك الدولة بالكامل وانهيارها
حسبنا الله ونعم الوكيل