لم تكن زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني محصورة باللقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض بواشنطن بتاريخ التاسع من شباط ٢٠٢٥، بل جاءت ضمن زيارة عمل هامة شملت مراكز صنع القرار الغربي في لندن وواشنطن رافقه خلالها ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني
حيث شمل برنامج الزيارة في الولايات المتحدة لقاء بوزير الخارجية ماركو روبيو، ومستشار الأمن القومي مايك والتز، والمبعوث الخاص للرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، وأعضاء لجان في مجلسي الشيوخ والنواب وممثلي شركات ومؤسسات تعليم عال أمريكية، وحاكمة ولاية ماساتشوستس مورا هيلي
ولكن كما نعلم جميعاً كانت قمة الزيارة تتمحور حول لقاء الرئيس الامريكي دونالد ترامب، نظراً لما سبق الزيارة من تصريحات ساخنة ووعيد متواصل وقرارات منفردة اطلقها الرئيس الامريكي حول مستقبل المنطقة ،
فكانت زيارة جلالة الملك في هذا التوقيت المفصلي قرار بمنتهى الشجاعة وهو يعلم أنه يواجه سعار ترامب المنتشي بفوزه بالانتخابات والذي لا يتوقف عن استغلال قوة ونفوذ مركزه في التهديد وتسديد الضربات بكل اتجاه بدون تفكير، فجاءت الزيارة الملكية لتصد البلاء عن الأردن والمنطقة والعرب اجمع خصوصاً بعد انفراد النتن ياهو بالإدارة الامريكية مستغلا نفوذ اللوبي الصهيوني المتقدم في مؤسسات القرار الامركي.
لقد خاض جلالة الملك والأردنيون معه معركة سياسية عظيمة شهدنا فيها تلاعب ببرنامج الزيارة وتغيير في المواعيد واعلان عن مؤتمر صحفي غير مبرمج وتعمد توجيه اسئلة بقصد الاحراج وحشد قنوات مستعربة دنيئة تتلاعب بالترجمة وانفلات جيوش الكترونية بهجوم مفتوح على الاردن بكل مكوناته ، ولكن كان صبر الملك وثباته وهدوؤه وحنكته السياسية هي عنوان الأردنيين ومنارتهم التي التفوا حولها، ومع تقدم الوقت لحظة بلحظة حتى انكشفت كل الاوراق والمخططات التي حيكت للايقاع بجلالة الملك وبالاردن ، فكان رد الملك الجازم والحازم والقاطع بقوله مصلحة شعبي فوق كل اعتبار هي الخط الفاصل الذي تبعه تفكك الوعود والمخططات، وما هي الا ساعات حتى بدأنا نشهد تحول في موقف الإدارة الأميركية بشأن الحل في غزة عقب زيارة الملك
لم يترك جلالة الملك الامور على غاربها بل أشار الى اتفاق على جدول عمل عربي مشترك وبرنامج واضح يشمل خطة لقاء تجمع العرب في المملكة العربية السعودية في مؤتمر الرياض والذي سيتمخض عنه حزمة ردود واضحة يتبلور عنها مبادرة ستحملها الشقيقة الكبرى مصر للعالم، انها رسالة بأننا امام ملف عربي وعالمي لا يمكن حله بالتجاوز عن مشاركة الجميع فيه.
اما على المسار الداخلي فقد شاهد الأردنيون بأم اعينهم مدى الغل والكراهية التي تملأ نفوس الحاقدين والجاحدين ، والذين يتمنون السوء والدمار لبلدهم الآمن ، لقد تعرضنا خلال فترة الزيارة في الأردن لهزة قوية واستهداف متعمد استهدف الجميع،حتى اعتقد الكثير من رعاة الفتنة ان هذه الهزة ستكسرنا ولكن خاب املهم ومسعاهم،
فقد شهد الأردن بعد لقاء جلالة الملك حالة وطنية دفعت الجميع بالارياف والبوادي والمدن والقرى والمخيمات ليلتفوا حول قيادتهم ويهبوا على قلب رجل واحد في وجه كل ما يخططه طيور الظلام في عتمتهم ، لقد كنا نشاهد الجموع التي اندفعت لتستقبل جلالة الملك وولي عهده بعد رحلة العمل الحساسة فكتب جلالة الملك مبادلاً شعبه حباً بحب وقال : " أشكركم أبناء وبنات شعبي الوفي، أستمد طاقتي وقوتي منكم. مواقفنا ثابتة وراسخة، وسأفعل الأفضل لبلدي دائما وأبدا، فمصلحة الأردن فوق كل اعتبار"
لقد كان اختباراً صعبا على الجميع ولكن رب ضارة نافعة فقد اعاد جلالة الملك التأكيد على العهد بقوله مصلحة الأردن فوق كل اعتبار والتف الأردنيون حوله مؤكدين بأن حبهم وولاؤهم لقيادتهم الهاشمية ايضاً فوق كل اعتبار.