تحولات سريعة تلك التي تشهدها الساحة العربية، يبقى فيها الأردن على الثبات والوفاء لمبادئه القومية، خاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فقد كانت الرسائل الأردنية خلال لقاء جلالة الملك والرئيس الامريكي واضحة في رفض التهجير والتأكيد على أهمية إيجاد حلول عادلة تضمن مصالح العرب والفلسطينيين في إطار توازن دقيق، وهو ما يعكس التوافق التام بين الاردن الرسمي واردن الشعب.
لم يكن موقف الأردن في هذا السياق يومًا مجرد موقف دبلوماسي أو سياسي، بل هو جزء من الهوية الأردنية والتي بوصلتها القضية الفلسطينية وتاجها القدس. وفي الوقت الذي تبرز فية القضية الفلسطينية كمحور اهتمام الشعب الأردني، فإن هذا الموقف لم يخلُ من محاولات التشويه التي تقوم بها بعض القنوات الإعلامية، وعلى رأسها قناة الجزيرة، التي تسعى إلى استخدام التحريف الإعلامي كوسيلة لزيادة التوتر في العالم العربي.
لا يمثل تحريف قناة الجزيرة لتصريحات جلالة الملك عبدالله الثاني أمرًا مستحدثًا، بل هو جزء من استراتيجية إعلامية متكررة تهدف إلى تشويه صورة الموقف الاردني والرمزية الاردنيه . ومن خلال تغطية قناة الجزيرة للقاء، زعمت القناة أن جلالة الملك قال: "يجب أن نضع بالاعتبار كيفية تنفيذ ذلك بما يخدم مصلحة الجميع"، بينما كان التصريح الأصلي"هو كيف نجد حلا يراعي مصالح الجميع" هذا التصريح الذي يؤكد على أهمية إيجاد حلول تراعي المصالح العربية والفلسطينية على حد سواء تحول بسب فبركات الجزيرة الى موافقة ضمنية من الاردن على ملف التهجير و الباحث عن الية لتنفيذه.
هذا التلاعب بالكلمات لم يكن مجرد خطأ عابر، بل كان جزءًا من خطة إعلامية أوسع تسعى إلى خلق الفتنة وزعزعة الثقة بين الدول العربية.
إن هذه الممارسات الإعلامية تتجاوز التحريف اللغوي لتصل إلى أهداف سياسية أكثر عمقًا، منها تقليل التأثير الأردني في دعم القضية الفلسطينية وتعميق الانقسامات بين الدول العربية. كما أنها تهدف إلى إضعاف وحدة الصف العربي وتأجيج الجدل حول المواقف الرسمية العربية، مما يؤثر بشكل مباشر على الرأي العام في المنطقة.
وقد أدى هذا التحريف إلى موجة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة في مصر، حيث شنَّ بعض المستخدمين هجومًا على الموقف الأردني، متهمين المملكة بالتخلي عن القضية الفلسطينية.
وهذه الاتهامات، التي تسعى بعض القوى السياسة في مصر الى استغلالها لتغيرات تبدوا قادمة في الموقف المصري ، تُظهر كيف يمكن لخطأ إعلامي بسيط أن يؤدي إلى توترات كبيرة بين الشعوب. متناسين ما اشار الية الملك الى أهمية دور جمهورية مصر كونها جزء من الحل وذلك من خلال خطتها لأعادة إعمار القطاع مبررين ذلك بأن الاردن رمى كرة النار على مصر متناسيين ان الاردن ومصر جزء من الامه العربيه وان القضية الفلسطينية قضية عربية وليست اردنيه فقط اومصرية فقط .
وعلى الرغم من هذه التحديات ، إلا أن استجابة بعض المؤسسات الإعلامية الأردنية لم تكن بالمستوى المطلوب، إذ تأخرت بعض الجهات الإعلامية في الرد على هذه الفبركات الإعلامية، مما سمح للشائعات بالانتشار. ومن هنا تبرز الحاجة الماسة لتعزيز الجاهزية الإعلامية في مواجهة مثل هذه الأزمات.
من أجل التعامل مع هذه التحديات بفعالية، يجب أن تتبنى المؤسسات الإعلامية الأردنية استراتيجيات لتسريع استجابتها للأزمات الإعلامية، بما في ذلك إنشاء فرق إعلامية متخصصة يمكنها التعامل مع الشائعات فور ظهورها. كما أن تعزيز التواجد الرقمي للأردن على منصات التواصل الاجتماعي يُعد من أولويات المرحلة المقبلة لضمان وصول الرواية الحقيقية إلى جمهور أوسع.
في النهاية، يبقى الموقف الأردني تحت قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، نموذجًا يُحتذى به في الصمود والثبات والوضوح. إلا أن هذا الصمود يحتاج إلى إعلام قوي قادر على التصدي للتحديات الإعلامية ويشكل جبهة دفاع استراتيجية لحماية الحقائق وصد الأكاذيب التي تهدف إلى زعزعة الصف العربي.