*الأردن.. موقف لا يُشترى وثبات لا يُكسر*
في عالم السياسة، ليس كل زعيم قائدًا، فالبعض ترفعه المصالح، والبعض الآخر ترفعه المواقف. وجلالة الملك عبدالله الثاني ليس مجرد زعيم عابر في مرحلة مضطربة، بل قائد صنع مكانته بقراراته، ورسّخ احترامه بثباته. لم يكن بحاجة إلى ضجيج إعلامي أو استعراض سياسي، بل كان حضوره وحده كافيًا ليجبر العالم على الإصغاء. وعندما قال له الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب: *"أنت رجل عظيم"*، لم يكن ذلك إطراءً بروتوكوليًا، بل إقرارًا بقوة شخصية ملك يرى الأمور بوضوح، لا يساوم على الحق، ولا يخضع للضغوط، بل يصنع التوازن وسط العواصف، ويفرض احترامه بثبات مبادئه.
*قرار سيادي.. لا يُملى ولا يُباع*
الأردن لم يكن يومًا تابعًا يُملى عليه، بل كان دائمًا صاحب قرار سيادي لا يخضع إلا لضميره الوطني. وعندما طُرحت خطة ترامب بشأن غزة، لم يكن الأردن متفرجًا أو لاعبًا ثانويًا، بل كان الصوت الذي يُعيد الأمور إلى نصابها. قالها الملك بحزم: *"العرب سيأتون إلى الولايات المتحدة برد على خطة ترامب"*، ليؤكد أن قضايا الأمة لا تُناقش في العلن، ولا تُفرض بصفقات لا تراعي حقوق الشعوب. هذا ليس تحديًا بقدر ما هو موقف دولة تفهم معنى السيادة، وتعرف كيف تُدير معاركها بذكاء، دون صراخ أو تراجع.
*إنسانية تصنع السياسة.. لا العكس*
القوة الحقيقية لا تأتي فقط من السياسة، بل من القدرة على دمج الأخلاق بالمصالح. وعندما أعلن الملك استقبال *2000 طفل فلسطيني مريض بالسرطان من غزة للعلاج في الأردن، لم يكن ذلك مجرد بادرة إنسانية، بل كان رسالة سياسية من العيار الثقيل: **نحن لا نخوض معاركنا بالشعارات، بل بالأفعال.* الأردن لا يكتفي بالدفاع عن الحقوق على طاولات التفاوض، بل يجسدها في قرارات تنحاز للإنسان أولًا. هذه هي الدبلوماسية الإنسانية (Humanitarian Diplomacy)، التي تجمع بين الحكمة السياسية والالتزام الأخلاقي، وتثبت أن القيادة الحقيقية لا تُقاس بعدد الصفقات، بل بعدد القيم التي تصمد في وجه العواصف.
*الأردن.. صوت لا يُكسر وإرادة لا تلين*
في زمن تتغير فيه التحالفات، وتُباع فيه المواقف، يبقى الأردن استثناءً نادرًا في عالم السياسة، دولة يُحسب لها ألف حساب لأنها لا تُغير جلدها وفق المصالح، ولا تتنازل عن ثوابتها تحت أي ظرف. مواقفه ليست ردود أفعال، بل قرارات راسخة تُصاغ بحكمة وتُنفذ بإرادة صلبة. القيادة ليست مناصب، بل أمانة، وهذا ما يفهمه الهاشميون جيدًا، فهم لم يرثوا العرش فقط، بل ورثوا معه مسؤولية الدفاع عن الحق، مهما كان الثمن.
*الأردن ليس دولة تبحث عن مكانتها، بل هو دولة تصنع مكانتها. ومثلما قال الحسين العظيم: "الرجل يموت إذا فقد شجاعته"، فإن الأردن اليوم، بقيادته وشعبه، يعيش شجاعته كل يوم، ثابتًا كالصخر، عاليًا كالنسر، لا يخضع، لا يبيع، ولا يساوم.*