في سياق الخطاب السياسي، تُعتبر عبارة "علي أن أعمل ما فيه مصلحة بلادي" جوهر المَهمة الوطنية التي يجب أن يتبناها أي قائد أو مسؤول، حيث تُجسد مبدأ الأولوية المطلقة للمصلحة العامة فوق أي اعتبارات شخصية أو حزبية أو خارجية؛ هذا التوجُّه يعكس فلسفة "الواقعية السياسية" التي تَرفع شعار حماية المصالح الاستراتيجية للدولة، مثل تعزيز الأمن القومي، وتحقيق التنمية المستدامة، والحفاظ على السيادة؛ وفي الممارسة العملية يتطلب هذا النهج اتخاذ قرارات صعبة قد تتعارض مع المصالح الضيقة، لكنها تضمن على المدى البعيد تماسك المجتمع وازدهاره؛ كما يفرض على صانع القرار توازنًا دقيقًا بين الضغوط الدولية والمطالب الداخلية، مع الحفاظ على ثوابت الهوية الوطنية، مما يُكرس شرعيته ويُعزز ثقة المواطن في مؤسسات الدولة .. لله درك أبا الحسين كم أنت قائدٌ عظيم.
في لقاء تاريخي جمع قبل قليل بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، برز التصريح الصريح "عليّ أن أعمل ما فيه مصلحة بلادي" كنداء حازم ينبثق من عمق المسؤولية الوطنية والتزام القيادة بحماية مصالح الشعب ومواجهة التحديات الإقليمية؛ إذ لم يكن هذا القول مجرد عبارة عابرة، بل هو تجسيد لرؤية استراتيجية شاملة ترتكز على الحفاظ على الهوية الوطنية، وتعزيز الاستقرار والأمن في ظل تعقيدات المشهد الدولي؛ فقد اتخذ جلالة الملك موقفاً واضحاً في رفض أي سياسات أو مقترحات لا تفي بحقوق الفلسطينيين ولا تحترم السيادة الأردنية، مما يعكس وعيه العميق بأن مصلحة الأردن مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقضية الفلسطينية وبضرورة الحفاظ على المقدسات التاريخية في القدس الشريف.
فعندما يقول الملك عبدالله الثاني "علي أن أعمل ما فيه مصلحة بلدي"، فإنه يضع نصب عينيه الواجب المقدس الذي يحمله كملك للأردن، وكقائد عربي وإسلامي يدرك تماماً أهمية القضية الفلسطينية ليس فقط بالنسبة للأردن، بل للعالمين العربي والإسلامي بأسرهما؛ الأردن، الذي يُعتبر حامياً للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، يتحمل مسؤولية تاريخية تجاه الدفاع عن حقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية؛ إن هذه الكلمات ليست مجرد تصريح دبلوماسي، بل هي تعبير صادق عن التزام الملك بمبادئ العدالة والكرامة الإنسانية التي تشكل أساس السياسة الخارجية الأردنية.
إن مفهوم "مصلحة بلادي" في سياق هذا التصريح يتجاوز حدود السياسات الفردية، ليصبح محوراً استراتيجياً يؤكد على ضرورة اتخاذ قرارات حاسمة تُبني على المبادئ الثابتة للعدالة والكرامة الإنسانية؛ ففي الوقت الذي تهدف فيه بعض الخطط إلى إعادة رسم ملامح المنطقة عن طريق فرض حلول جزئية وغير عادلة، يبقى التزام جلالة الملك بالدفاع عن حقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية أمراً لا يقبل التفاوض أو المساومة؛ فهو يدرك أن حماية الأمن القومي الأردني لا تتحقق إلا من خلال دعم الحقوق المشروعة وتفعيل دور الوحدة العربية في مواجهة السياسات الأحادية؛ إن هذا الموقف الذي يجسد روح المسؤولية والتفاني في خدمة الوطن يمثل حجر الزاوية في السياسة الخارجية الأردنية، حيث تتم الموازنة بين العلاقات الاستراتيجية مع القوى الكبرى والحفاظ على استقلالية القرار الوطني.
إن الكلمات التي أدلَ بها جلالة الملك ليست مجرد تصريحات دبلوماسية، بل هي منهج حياة يعكس وعياً عميقاً بتداعيات كل خطوة سياسية؛ إذ يُقرّ بأن استقرار الأردن واستمراره مرتبطان بحل عادل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، مما يستوجب العمل على تأمين حقوق اللاجئين الفلسطينيين والمساهمة في بناء مستقبل يسوده السلام والعدالة؛ لقد كانت ردود الفعل تجاه مقترحات ترامب بشأن غزة بمثابة اختبار حقيقي لمدى قوة المبادئ الوطنية، إذ رفضت القيادة الهاشمية أي مسعى لتهجير المزيد من الفلسطينيين أو تحويل القضية إلى أداة لخدمة مصالح أجنبية؛ هذا الرفض لم يكن مجرد تعبير عن موقف انتقالي، بل هو تأكيد على أن كل قرار يُتخذ في الأردن ينبع من حرص شديد على حماية التراث الوطني والقيم الدينية والتاريخية التي تربط بين الشعوب؛ وقد تجلى هذا الموقف في دعم الإجراءات الإنسانية، مثل استقبال الأطفال المرضى من غزة، في إطار رؤية استراتيجية لا تقتصر على الرمزيات، بل تترجم إلى أفعال عملية تضمن تماسك النسيج الاجتماعي وتوازن المكونات الديموغرافية داخل الدولة.
إن قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني تُعد نموذجاً يحتذى به في الموازنة بين الالتزامات الدبلوماسية والواجب الوطني؛ فهو يعلم تماماً أن "مصلحة بلادي" ليست مفهوماً مجرداً، بل هي نهج يرتكز على المبادئ الثابتة التي تضمن تحقيق العدالة والاستقرار في المنطقة؛ وفي مواجهة ضغوط السياسة العالمية ومحاولات فرض واقع جديد يخدم مصالح خاصة على حساب الحقوق الشرعية، يبقى موقف الأردن راسخاً في الدفاع عن الكرامة والسيادة الوطنية؛ هذا التزام تاريخي يرسخ مكانة الأردن كحامي للمقدسات ومناصر لحقوق الإنسان، ويؤكد أن الطريق إلى السلام لا يُعبَّد بالمساومات على الحقوق، بل يُبنى على أسس من الحكمة والعدالة؛ وسيبقى عبدالله الثاني ابن الحسين قائد عظيم؛ فقوله "علي أن أعمل ما فيه مصلحة بلادي" بمثابة إعلان صريح عن روح القيادة التي تضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، مما يرسخ الثقة في قدرة القيادة الهاشمية على رسم مستقبل يعمه الأمن والرخاء لجميع أبناء الوطن العربي.