أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مناسبات مجتمع مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

لقاء الملك - ترامب: ثلاثة سيناريوهات لمستقبل المنطقة


الدكتور خالد الشقران
رئيس تحرير جريدة الرأي

لقاء الملك - ترامب: ثلاثة سيناريوهات لمستقبل المنطقة

الدكتور خالد الشقران
الدكتور خالد الشقران
رئيس تحرير جريدة الرأي
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ
في لقاء يُنتظر أن يُحدد ملامح السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية، يلتقي الملك عبدالله الثاني ابن الحسين الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اليوم، في البيت الأبيض، في ظل توترات إقليمية متصاعدة جراء الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، والجدل حول خطط «التهجير القسري» للسكان الفلسطينيين.
يأتي هذا اللقاء كمنعطف حاسم قد يُعيد تشكيل مواقف واشنطن أو يُفاقم الأزمة، مع تركيز المراقبين على ثلاثة سيناريوهات محتملة.
السيناريو الأول: عودة حل الدولتين.
يُعتبر هذا السيناريو الأكثر تفاؤلاً، حيث يتمكن الملك عبدالله الثاني، بوصفه رمزاً للاعتدال والعقلانية في المنطقة وبوصف الأردن حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة، من إقناع ترامب بالعدول عن فكرة التهجير، والعودة إلى دعم حل الدولتين كمسار وحيد للسلام.
وهنا يُبرز الأردن، الذي يستضيف أكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين، مخاطر أي محاولة لتصفية القضية عبر تهجير الفلسطينيين، مؤكداً أن الاستقرار الإقليمي مرهون بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967.
من الناحية العملية، قد يعتمد الأردن على حججٍ استراتيجية تلامس مصالح واشنطن، مثل تفادي تصاعد التطرف في حال استمرار الاحتلال، وتأكيد أن حل الدولتين يُحقق الأمن للمنطقة بما في ذلك إسرائيل دون تهديد وجودها. كما قد يذكر واشنطن بدور الأردن المحوري في مكافحة الإرهاب، وانتهاجه سلوك الاعتدال والدفع نحو السلام في المنطقة، ما يُعزز وزن صوت الملك عبدالله الثاني.
لكن العقبة تكمن في انحياز الإدارة الأميركية لخطابٍ أحادي الجانب، تمثل في الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، ما يُضعف مصداقية الولايات المتحدة كوسيط نزيه.
السيناريو الثاني: إصرار ترامب على التهجير.. طريق مسدود.
رغم ترجيحات بعض المحللين بقبول ترامب لرؤية الملك، إلا أن السيناريو الثاني يفترض أن تُصر الإدارة الأميركية على فكرة التهجير، سواء عبر نقل سكان غزة إلى دول أخرى أو بتهجيرهم داخلياً.
هنا، ستواجه الخطة مُعضلتين رئيسيتين: الأولى أخلاقية-إنسانية، تتمثل في استحالة تنفيذ التهجير قسراً أمام صمود الغزيين حتى تحت القصف، وتأييد دولي واسع لرفض انتهاك القانون الدولي. أما الثانية، فسياسية، إذ إن التهجير لن ينهي الصراع، بل سينقل أزمته إلى مناطق جديدة، ويُغذي غضباً عربياً إسلامياً وعالمياً قد يدفع نحو موجة عنف أوسع.
في هذه الحالة، سيتعمق الاحتقان الفلسطيني والعربي والإسلامي، وستخسر الولايات المتحدة دورها كوسيط، بينما قد تتحول غزة إلى بؤرة مقاومة جديدة، مدعومة من فصائل وجماعات إقليمية، ما يُعرض المنطقة لموجة عدم استقرار طويلة الأمد، خاصة مع احتمال انهيار السلطة الفلسطينية، وانتشار الفوضى في الضفة الغربية.
السيناريو الثالث: الجمود.. وقود الانفجار القادم.
أما السيناريو الثالث فيفترض أن ينتهي اللقاء دون حسم، ليظل الوضع على حاله: استمرار الاحتلال، وحصار غزة، وتجميد المفاوضات.
هذا الجمود، بحسب خبراء، هو الأخطر، إذ يُغذي اليأس الفلسطيني، ويدفع نحو «انتفاضة ثالثة» قد تندلع بأدوات أكثر عنفاً، خاصة مع تنامي الخطاب المتطرف في كلا الجانبين. كما أن توسع الصراع ليشمل دولاً مجاورة مثل لبنان (عبر حزب الله)، أو تصعيداً مع إيران، يظل احتمالاً قائماً في ظل غياب حلول.
على الصعيد الاقتصادي، سيستنزف الجمود موارد الدول المجاورة، مثل الأردن ومصر ولبنان، التي تعاني أصلاً من أزمات لاجئين، ما يفتح الباب لاضطرابات اجتماعية تزيد المنطقة التهاباً.
ختاماً، اللقاء بين الزعيمين يضع واشنطن أمام مفترق طرق: إما العودة لسياسة عقلانية متوازنة تدعم حل الدولتين، أو الانجراف نحو مغامرة التهجير التي تهدد بإطالة أمد الصراع، أو التلكؤ الذي يزيد المنطقة اشتعالاً.
القرار الأميركي سيُحدد ليس فقط مصير الفلسطينيين، بل ومستقبل التحالفات الإقليمية أيضاً، ومصير مشروع «السلام الاقتصادي» الذي تروج له إدارة ترامب.
في جميع الأحوال، يبدو أن الشرق الأوسط مقبلٌ على مرحلة جديدة من التحديات، حيث تُختبر إرادة القوى الدولية في تحقيق العدالة بدلاً من تعميق الظلم والمعاناة الإنسانية.
مدار الساعة (الرأي الأردنية) ـ