افتتح في روما قبل أيام، وتحت رعاية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، معرض «الأردن.. فجر المسيحيّة»، بافتتاحين رسميين: الأول بحضور وزيرة السياحة، وعدد من أعضاء مجلسي الأعيان والنواب، ومن مدراء الحج في إيطاليا والصحافة والإعلام. تشرّفتُ بحضور ذلك المعرض الذي يشرف عليه المخرج، ابن صفي العزيز، إياد الخزوز، الذي تزامنت معه في الدراسة في الكليّة البطريركيّة الوطنيّة التابعة للبطريركيّة اللاتينيّة في الأشرفية في بداية الثمانينات.
يلفتك حقا اقامة هذا المعرض وطريقة عرضه، إذ هو يقع أولاً في قلب العاصمة الإيطاليّة روما، وتحديدًا في قاعة تابعة للفاتيكان تسمى Palazzo della Cancelleria، تستطيع وأنت تدخل المعرض الذي يُقام على مساحة لا تقل عن 500م2 أن تسمع أولاً بصدى التاريخ، إذ إن المدخل قد أقيم كأنه حجارة أردنيّة، ثم تبدأ بالإصغاء إلى الموسيقى الشرقية المعدة جيّدًا وخصيصًا لهذا المعرض، ثم تبدأ بقراءة الشروحات حول المقتنيات الأثريّة التي تم حملها من الأردن إلى روما لمدة المعرض، وهي عبارة عن 90 مقتنى أثرياً وتاريخياً وتعتبر من كنوز الأردن ا?كبير الذي يزخر بالعديد من هذه التحف والمكتشفات التاريخية، لأنها تدلك على التاريخ الذي يقف وراء هذه المقتنيات. وهنالك طبعًا شروحات موجودة باللغتين الإيطاليّة والإنجليزيّة والعربيّة. فالجمهور المستهدف من هذا المعرض لم يكن المواطن الأردني، فهو يستطيع زيارة بلده وقتما شاء، ويستطيع مشاهدة هذه المقتنيات «على أرضها وبين جمهورها» كما يقال. ولكن نحن الآن نتحدث عن جمهور مستهدف من إيطاليا ومن زوار الفاتيكان لأن المعرض يأتي في هذا العام الذي يحتفل به بيوبيل مرور 2025 سنة على ميلاد السيد المسيح، وتنتظر مدينة روما والفا?يكان ما لا يقل، عن 35 مليون زائر، وبالتالي إن شهر شباط المقام المعرض فيه سيزخر بالعديد من الحجاج الذين يأتون يوميًّا ويدخلون من الباب المقدّس الذي هو رمز لسنة اليوبيل.
عملية ترويج جيدة وجميلة أقيمت في إيطاليا، وتحدثت وسائل الإعلام عن ذلك لأنّ في 8 من كانون الثاني عقد مؤتمر صحفي في الأردن شاركت به وزيرة السياحة لينا عناب، وسيادة السفير البابوي لدى الأردن، ومدير هيئة تنشيط السياحة، وحضره رجال الصحافة والإعلام من الأردن، ولكن أيضًا تمّت دعوة العديد منهم إيطاليا والفاتيكان للحديث عن هذا المعرض لجمهورهم ودعوتهم لزيارته.
النقطة البارزة كانت زيارة جلالة الملكة رانيا العبدالله، ترافقها السيدة الأولى في إيطاليا، وكذلك بحضور الكاردينال بيترو بارولين، الذي هو أمين سرّ حاضرة الفاتيكان بمثابة رئيس وزراء، والذي دشّن كنيسة المعمودية لدينا قبل شهر ونيف. وبالتالي تم تسليط الضوء بشكل أكبر وإعلام أقوى على أهميّة هذا المعرض الذي يقام تحت رعاية ملكية لجلالة الملك وبحضور جلالة الملكة رانيا العبدالله، وبجهود طيبة من السفارة الأردنية لدى روما، والسفارة الأردنية لدى الكرسي الرسولي، وهيئة تنشيط السياحة، ووزارة السياحة، وكل الفعاليات المؤثرة ل?نجاح هذا المعرض.
لا نستطيع أن نتحدّث اليوم عن أعداد غفيرة قد زارت المعرض إلى اليوم، لكن نحن نتحدّث أنه في نهاية شهر شباط سيكون هنالك التقييم الإيجابي بإذن الله بأنّ هذا المعرض قد استقطب العديد من مدراء الحج في إيطاليا، وبالأخص وكالة أوبرا رومانا التي تربطها علاقة صداقة مع الجهات السياحية الأردنيّة، وكذلك كلّ المهتمين والذين تربطهم مع الأردن علاقات صداقة وتعاون.
رأيت فرحًا وسرورًا على وجوه كل زوار المعرض، وكنا نقول لهم دائمًا بأنّ من يزور هذا المعرض لا يأتي زائرا فقط، وانما يسمى حاجًا، ذلك أنك تغوص في أعماق التاريخ الذي يدلّ عليه عنوان هذا المعرض، وهو الأردن فجر المسيحية. وجميل جدًا أن يأتي هذا المعرض في عام 2025، أي في بداية الخمس سنوات التحضيريّة لعام 2030 حيث سيحتفل العالم أجمع مع الأردن بمرور 2000 عام على عماد السيد المسيح. ومن العماد انطلقت البشارة للمسيحيّة، لذلك إن عنوان المعرض قد جاء ليدشن خماسية التحضير، و ليؤكد على الحقيقة التاريخيّة بأنّ «الأردن» حقًا ه? » فجر المسيحيّة».