في ظل محاولات الاحتلال الإسرائيلي فرض واقع جديد على الأرض، يروج الطرح الأمريكي-الإسرائيلي لأفكار خيالية مثل توطين الفلسطينيين في الأردن ومصر، أو حتى إقامة "دولة فلسطينية" في أراضٍ سعودية. هذه التصورات ليست سوى أوهام يُراد فرضها عبر الزمن، في محاولة لتصفية القضية الفلسطينية تدريجيًا، لكن الواقع يفرض علينا التفكير في حلول عربية تتجاوز هذه الطروحات، وتعيد تشكيل المعادلة بما يخدم الحقوق الفلسطينية، وليس المشاريع الصهيونية.
يحاول الاحتلال، بدعم أمريكي، الترويج لهذه المخططات وكأنها حلول واقعية يمكن تطبيقها في المستقبل القريب. لكن الحقيقة أن هذه الطروحات ليست سوى أوهام يحاولون تثبيتها تدريجيًا، على أمل أن تتحول إلى أمر واقع خلال السنوات القادمة. الفكرة الأساسية خلف هذه الطروحات هي تفريغ فلسطين من أهلها، وإعادة تشكيل خريطة المنطقة بما يخدم إسرائيل وحدها، وهو ما يجب أن يُواجه ليس فقط بالرفض، بل بمشاريع عربية مضادة، تعيد صياغة المعادلة بالكامل.
منذ عقود، لم تنجح القرارات الدولية في تحقيق العدالة للفلسطينيين، بل على العكس، كانت أغلبها تصب في صالح الاحتلال، سواء عبر تقسيم الأرض أو عبر فرض حلول جزئية تُكرّس الاحتلال بدلاً من إنهائه. من هنا، يجب على العرب التفكير في مشروع جديد، لا يستند إلى ما فرضه المجتمع الدولي في قرارات مثل تقسيم 1947، بل يكون أكثر جرأة وإصرارًا على استعادة الحقوق الفلسطينية بالكامل.
هذا المشروع يجب أن يكون أكثر صعوبة على الإسرائيليين، بحيث يتجاوز فكرة الدولة الفلسطينية ضمن الحدود الضيقة التي يتحدث عنها الغرب، ليشمل:
توسيع رقعة الدولة الفلسطينية بشكل يعكس الحق التاريخي للفلسطينيين، ويمنع الاحتلال من التمدد أكثر.
و إنشاء حدود برية مع الأردن ولبنان وسوريا ومصر، تكسر الحصار الجغرافي المفروض على الفلسطينيين، وتعيد ربطهم بعمقهم العربي، و إيجاد منفذ بحري مستقل للفلسطينيين، يتيح لهم حرية الحركة التجارية والاقتصادية، بعيدًا عن السيطرة الإسرائيلية على المعابر.
مثل هذا الطرح لا يعني فقط استعادة الحقوق الفلسطينية، بل يمثل ضربة استراتيجية قوية للمشروع الصهيوني، الذي يعتمد على تفتيت فلسطين وعزلها عن محيطها العربي. الاحتلال يخشى أي تغيير في المعادلة الجغرافية، لأن ذلك يهدد كيانه الهش ويكسر تفوقه العسكري والاقتصادي.
إن المواجهة مع الاحتلال لا يجب أن تكون مجرد ردود فعل على مشاريعه، بل يجب أن ترتقي إلى مستوى الفعل المبادر، عبر خلق وقائع جديدة على الأرض، تعيد رسم الخريطة بما يتناسب مع الحقوق التاريخية، وليس وفق ما يريده الغرب وإسرائيل.
إذا أراد الفلسطينيون والعرب قلب الطاولة على الاحتلال، فالحل ليس فقط في مقاومة مشاريعه، بل في صياغة مشروع مضاد، يجعل من بقاء إسرائيل على هذه الأرض أمرًا أكثر صعوبة مما يتصورون.