أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات مناسبات مجتمع رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية شهادة مستثمرون جاهات واعراس الموقف دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

النوافلة تكتب: لاءات الملك الثلاث والرفض الشعبي مقابل الاصرار الأمريكي


بيان النوافلة

النوافلة تكتب: لاءات الملك الثلاث والرفض الشعبي مقابل الاصرار الأمريكي

مدار الساعة ـ
لقد شهدت الساحة السياسية الأردنية في العقود الأخيرة محطات حاسمة تجلت فيها مواقف القيادة الأردنية الراسخة تجاه القضايا المصيرية، وكان من أبرز هذه المحطات “لاءات الملك” التي عبرت عن رفض واضح لمشاريع أو ضغوط سياسية تتعارض مع الثوابت الوطنية والمصالح الأردنية العليا. وبينما تتلاقى هذه اللاءات مع المزاج الشعبي الرافض لأي حلول تُفرض على حساب السيادة الأردنية أو الحقوق الفلسطينية، تواصل الولايات المتحدة، لا سيما إدارة ترامب، ممارسة ضغوطها لفرض رؤيتها لحل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي في المنطقة.
تتلاقى لاءات الملك، " لا للوطن البديل، لا للتوطين ولا للمساس بالوصاية الهاشمية"، مع موقف شعبي واسع يرفض أي حلول تأتي على حساب الأردن، إذ يرى الأردنيون في هذه المواقف حماية للهوية الوطنية والكيان السياسي للدولة. وقد تجلت مواقف الشارع الأردني في عدة محطات، مثل رفض صفقة القرن، الاحتجاجات الشعبية ضد التطبيع مع إسرائيل، والدعم الشعبي للوصاية الهاشمية على القدس. ذلك الموقف الشعبي الأردني يتضح جلياً في المسيرات والتصريحات الشعبية والسياسية الرافضة لأي محاولات لتغيير الوضع القائم في الداخل الأردني أو الفلسطيني وتأثيره على الأردن.
وعلى الرغم من وضوح الموقف الأردني، إلّا أن الولايات المتحدة لم تتوقف عن ممارسة الضغوط من أجل إعادة تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط بما يخدم مصالحها الاستراتيجية. ومن أبرز الأدوات التي استخدمتها الولايات المتحدة في مسار الضغط المتزايد على الأردن لضغوط الاقتصادية سواءعبر تقليص الدعم المالي المقدم للأردن أو محاولة ربطه بشروط سياسية، كما حدث مع تقليص الدعم الأمريكي لوكالة الأونروا التي تعنى بشؤون اللاجئين الفلسطينيين. والاتفاقيات الإقليمية والتمثلة بدعم الولايات المتحدة لاتفاقيات التطبيع بين بعض الدول العربية وإسرائيل، ما زاد الضغوط على الأردن في موقفه الرافض لأي حل يتجاوز حقوق الفلسطينيين. بالإضافة لمحاولات الوساطة والضغوط الدبلوماسية من خلال لقاءات المسؤولين الأمريكيين مع القيادة الأردنية، ومحاولات التأثير على الموقف الأردني فيما يتعلق بمستقبل القدس والحدود النهائية للدولة الفلسطينية.
ومع عودة دونالد ترامب إلى المشهد السياسي الأمريكي وسعيه لطرح رؤى جديدة تستكمل خطته السابقة المعروفة بـ”صفقة القرن”، بات واضحاً أن القضية الفلسطينية تواجه تهديداً متزايداً. إحدى أبرز هذه التهديدات هو الضغط الأمريكي لتهجير سكان قطاع غزة إلى الأردن ومصر، وهي خطة تهدف إلى تفريغ القطاع من سكانه، بما يعطي للاحتلال مساحة إضافية للتمدد.
إلى جانب تهجير سكان قطاع غزه، فإن المخاوف الأردنية تزداد من سيناريو مشابه يطال الضفة الغربية، حيث قد تسعى إسرائيل بدعم أمريكي إلى دفع آلاف الفلسطينيين نحو الأردن، سواء عبر التضييق الاقتصادي، أو تصعيد القمع الأمني، أو حتى عبر سياسات تهجير قسرية تدريجية.
فإضافة إلى التأثيرات الديموغرافية والاقتصادية، يواجه الأردن تحدياً أمنياً غير مسبوق في حال حدوث موجة نزوح كبيرة، إذ أن المكون الفلسطيني الذي قد يصل إلى الأردن من غزة أو الضفة الغربية ليس مجرد لاجئين مدنيين غير مسيّسين، بل هم أفراد ينتمون إلى تيارات سياسية وتنظيمات ذات توجهات عقائدية مختلفة، مثل حركة حماس، التي تمتلك قاعدة شعبية في غزة والضفة الغربية، ولها تاريخ من التوترات مع الأردن خاصة بعد سنة 1999 والتي شهدت إبعاد قياداتها عن المملكة. إضافة الى الحركات والتنظيمات الفلسطينية الأخرى، والتي لبعضها تاريخ طويل من العمل العسكري والسياسي، والتي قد تشكل في وجودها داخل الأردن تحديات أمنية واستخباراتية جديدة.
ان التحديات الغير مسبوقة والتي تواجهها الدولة الأردنية تجعل الأردن في مواجهة مباشرة مع سيناريوهات قد تهدد استقراره الوطني، إلا اذا التقطت جميع الأطراف الأردنية هذه الإشارات وتضافرت جميع الجهود باتجاه دعم الدولة اولاً وتوحيد الكلمة والاصطفاف في وجه هذه التحديات بنية واحدة.
إن تاريخ الاستقطاب السياسي بين الدولة ومواليها وبين الحركات المعارضه على اختلافها يجب عليه أن يضمحل الان أمام كل تلك التحديات الجديّة، فبالإضافة الى المسؤولية الذاتية التي يجب ان تتحلى بها مختلف فئات المعارضة الأردنية بقول كلمتها وإبراز موقفها الداعم للدولة، تبرز أيضاً مسؤولية تعنى بها الدولة تجاه القفز عن العديد من المواقف وقلب العديد من الصفحات التي تتجلى فيها الانقسامات الداخلية سعياً وراء حالة من الوحدة لتخطي جميع التحديات والتهديدات التي قد تحملها الأيام القادمة.
مدار الساعة ـ