من يتبع الأمل في أن يعيش حياة صحية خالية من الأمراض عليه أولًا أن يبتعد عن الركض وراء الدراسات العلمية التي تتحفنا بها قنوات الأخبار، لأنك ستدخل في مسلسل درامي تعلق في حلقاته اللامتناهية من الحيرة المتناقضة.
قد تجد نفسك ضائعًا بين الأبحاث التي تدعي أن الرياضة هي المفتاح السحري لحرق السعرات، وتلك التي تقول إننا فقط نكذب على أنفسنا بأننا نحقق أي شيء مفيد، كما ذكرت دراسة حديثة نُشرت على موقع "ساينس أليرت" التي خلصت إلى أن مستويات النشاط الرياضي اليومي ليس لها أي تأثير تقريبًا على عدد السعرات الحرارية التي يتم حرقها كل يوم.
وفي عام 2022، نشرت جامعة كاليفورنيا دراسة "محكمة" تؤكد أن الركض لمدة 30 دقيقة يحرق سعرات تكفي لالتهام دونات كامل دون ذنب! لكن انتظر... ففي 2023 قررت جامعة هارفارد أن تدلي بدلوها بـ"اكتشاف مذهل": الركض يزيد الشهية، فتنتهي بتناول حبتين من الدونات بدلاً من واحدة!
يا علماء التغذية واللياقة البدنية، يا من تبيعوننا الأمل في "حياة صحية" بينما تنسفونها بدراسات متناقضة كحال ميزان الحرارة في يوم صيفي! السؤال الأهم: هل العلماء أنفسهم يجرون أم يجلسون لكتابة التناقضات؟ ففي صباح الاثنين، تقرأ عن دراسة من منظمة الصحة العالمية تشيد بالشوكولاتة الداكنة لتحسين الذاكرة، وفي مساء الثلاثاء، تكتشف دراسة من جامعة تكساس أن نفس الشوكولاتة "تسبب الإدمان". يا ترى، هل نلتهمها أم نرفعها قضائيًا؟
حسنًا، لنبحر بشكل أعمق في تلك الدراسات... تنفس بعمق واغلق أنفك، ففي عام 2020 تعلن جامعة ستانفورد في ولاية كاليفورنيا أن الأفوكادو، وكلنا نعرف هذه الفاكهة الخضراء، ينقذ القلب، ولكن في عام 2021 يخرج علينا معهد الدهون العالمي ليكتشف أنه "يسد الشرايين"! يبدو أن الأفوكادو قرر أن يلعب دور "الجوكر" في عالم التغذية!
كيف نتعامل مع هذه التناقضات؟ فهل نتابع تلك النصائح العبثية أم نضربها بأقرب حائط؟ أو نختار ما يعجبنا من الدراسات، خاصة تلك التي تسمح لنا بأكل البيتزا؟ وشكك في كل شيء حتى في هذا المقال، فربما كُتب بين مضغات حبات الشيبس! وأقول لك: لا تفعل شيئًا، فقط انتظر الدراسة القادمة، فربما تكتشف أن الخمول يطيل العمر!
والحقيقة الوحيدة التي تجمع كل الدراسات هي أن العلم عملية تراكمية، وليست وصفة سحرية، فبدلاً من أن نصاب بالجنون، ربما علينا أن نضحك من هذا التناقض، ونتبع الاعتدال: تحرك قليلاً، كل ما لذّ باعتدال، وتذكر أن العلماء أنفسهم قد يتصارعون في الكافتيريا على أيهما أسوأ: السكر أم الدهون؟
دمتم بصحة... أو دونها، حسب الدراسة القادمة!