نتحدث كثيراً عن أهمية دعم المرأة، ومساعدتها في مجالات الاقتصاد، والسياسة، والمجتمع، وضرورة أن تكون جزءاً فعالاً في كل المجالات.
تُرفع الشعارات، وتبدأ المبادرات، وتُصاغ التشريعات، ولكن عند النظر إلى الواقع، نجد أن هناك تباينات تجعل من مفهوم تمكين المرأة أكثر نظرياً من كونه حقيقة ملموسة.
تعيش المرأة حالياً في حالة من التذبذب بين الفرص المتاحة والصعوبات التي تعترضهن، بين الأبواب المفتوحة وتلك المغلقة، وبين ما يُقال لهن وما يحدث فعلياً.
في الاقتصاد، يُشجع المرأة على الاندماج في سوق العمل، ويُحث على أن تصبح رائدة أعمال أو مديرة أو مستثمرة، ولكن عند البدء في مسيرتها، تواجه تحديات ليست موجودة لدى الرجال.
تُخصص لها برامج دعم، لكنها تبقى ضمن إطار مبادرات محدودة، تُعطى القروض، لكن بشروط معقدة، ورغم الحديث عن المساواة، لا زالت النساء يعانين من فجوة في الأجور وصعوبات في بيئة العمل، إضافة إلى توقعات تجعلها دائماً في حالة توازن هش بين النجاح المهني والالتزامات الأسرية. كيف يمكن الحديث عن تمكين اقتصادي حقيقي عندما تُعتبر بعض الفرص استثناءً وليس حقاً؟.
أما في المجال السياسي، تظهر التناقضات بوضوح، يُقال إن وجود المرأة في مراكز صنع القرار مهم، وأن المجتمع بحاجة إلى صوتها، لكن عندما تصل إلى المنصب، تواجه تحديات مضاعفة. تتعرض لانتقادات أكبر، ويُشكك في قراراتها، وتُفرض عليها معايير غير مطبقة على الرجال.
إذا كانت قوية، تُعتبر متسلطة، وإذا كانت لطيفة، يُقال إنها ضعيفة. تُخصص بعض المقاعد بنظام الكوتا، لكن هل يُعتبر هذا تمكيناً حقيقياً أم مجرد تمثيل سطحي؟ كيف يمكن للمرأة أن تحدث تغييراً حقيقياً بينما تظل بعض الأبواب تفتح أمامها فقط لتحسين الصورة، وليس لإحداث تغيير حقيقي؟.
عندما نصل الى الحياة الاجتماعية، فإن الأمور أكثر تعقيداً.
، يُقال إن المرأة اليوم أصبحت أكثر استقلالية، ولكن خياراتها لا تزال تحت متابعة المجتمع.
يُطلب منها أن تكون قوية، ولكن دون تجاوز "الحدود المرسومة". يُشجع على تعليمها، لكن تبقى قراراتها قيد النقاش، سواء في حياتها المهنية أو الشخصية ورغم التغييرات العالمية، لا زالت بعض القيود تُعاد صياغتها بطرق جديدة، وكأنها تظهر بشكل أكثر عصرية، لكنها تحتفظ بجوهرها القديم.
كيف يمكننا معالجة هذه التناقضات؟ الحل لا يكمن في الشعارات أو قبول الأدوار المفروضة مسبقًا، بل في التحول من التمكين الرمزي إلى التمكين الحقيقي.
يجب ألا تضطر المرأة لإثبات نفسها في كل خطوة وكأنها استثناء. عندما يصبح العمل حقاً وليس صراعاً، وتصبح المشاركة السياسية فرصة حقيقية وليست مجرد مجاملة، وتتحول الاستقلالية إلى نمط حياة بدلاً من كونها قضية جدلية، حينها يمكننا القول إننا تجاوزنا التناقضات وحققنا تمكيناً حقيقياً. وحتى يحدث ذلك، ستظل المرأة تخوض معركتها اليومية، ليس فقط لإثبات قدراتها، بل لكسر القواعد غير العادلة التي تحول التمكين إلى فكرة وليست واقعاً.