مدار الساعة - كتب: محرر الشؤون المحلية - أن تجلس على الطاولة الأوروبية كحليف لا يعني بالضرورة أن تكون خصماً لأمريكا.
هي قاعدة اعتمدتها الدبلوماسية الأردنية وفق خوارزمية سياسية يتقن العقل السياسي الاردني تموضعها جيداً وقراءتها بأصابع تتقن صناعة اللحظة.
مناسبة الحديث هو الاختراق الدبلوماسي السياسي الاردني الذي احدثته المملكة مع الاتحاد الاوروبي.
هي رقعة للأصابع الأردنية نقلات دبلوماسية فيها. توقفت امامها مدار الساعة مع عضو مجلس الأعيان السابق الدكتور طلال الشرفات، والنائب آية الله فريحات، والدكتور بدر الماضي استاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية.
المملكة لا تعدم الوسيلة
على اية حال، وكما يقول عضو مجلس الأعيان السابق الدكتور طلال الشرفات فإن المملكة لا تعدم الوسيلة في إنجاح معركة البناء والتحديث والتطوير بقيادة هاشميّة فذّة تجوب اصقاع الأرض بمصداقيّة ونبل عزّ نظيره من أجل تعزيز سيادة الوطن وعوامل صموده ونهضته.
يقول عضو مجلس الاعيان السابق والحزبي العتيق: "مكانة جلالته في المجتمع الدولي ذللت الكثير من الصعوبات الاقتصادية، وتوجت بالأمس باتفاقية جاءت في وقتها مع الاتحاد الأوروبي، وعكست الأهميّة الاستراتيجية للأردن وتأثير الرؤى الملكيّة في العالم أجمع".
قفازات سياسية
يرسم الدكتور الشرفات خريطة العمل السياسي الذي عمدت القفازات السياسية الاردنية على الشغل عليه بالقول: الثقل السياسي الذي يصنعه جلالة الملك في السياسيّة الدوليّة، ونموذج الاعتدال والحيويّة قد أضاف للفعل الأردني التمسك بالثوابت الوطنيّة، وقيم الحق والعدالة، ونصرة الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع لتقرير مصيره وفقاً لقرارات الشرعيّة الدوليّة، ورفض سياسة التهجير، وتثبيت الفلسطينيين على أرضهم لنيل حقوقهم وبما يحفظ متطلبات الأمن القومي الأردني، ومرتكزات السياسة الخارجيّة القائمة على الاحترام المتبادل في الإطار الدولي، والالتزام بمبادئ القانون الدولي".
هنا فعّل الاردن ماكينته
الدبلوماسية بموازاة "التوجه نحو الإعتماد على الذات تكريساً لمصالحنا الوطنيّة العليا، وسيادتنا الوطنيّة، وبما يمكننا من تجاوز التجاذبات السياسيّة، والمخاطر الإقليميّة والدولية حفظاً لبلدنا وكرامتنا الوطنيّة؛ مبيناً قدرة جلالته على مخاطبة العالم بلغة واضحة، وسلوك حصيف، وبما يعكس صورة باسقة للأردن وشعبه الأصيل". يقول عضو مجلس الاعيان السابق.
ماكينة عمل القصر استندت على ارضية براعة قيادية تقتضي من الجميع الإلتفاف حولها لإنجاح مسيرة التحديث بصورها المتعددة، والإرتقاء الى مستوى التطلعات الملكيّة في هذا الشأن.
علاقات استراتيجية
الدكتور بدر الماضي استاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية يرسم خريطة المشهد بالتالي: إن "العلاقة مع الولايات المتحدة الاميركية علاقات استراتيجية، وذات بعد سياسي وتاريخي مهم، برغم مرورها ببعض الأزمات اعتماداً على فهم هوية الادارة الامريكية في بعض المراحل، لكنها في كل الاحوال علاقة ذات محور اساسي في توازنات المنطقة لما يمثله الاردن من دور سياسي على مر العقود الطويلة".
"صحيح أن العلاقات الاردنية الأوروبية لن تكون على حساب علاقات المملكة بالولايات المتحدة الأمريكية، وأن العكس أيضا صحيح. لكن الصحيح أيضا - على حد ما يقول الدكتور بدر الماضي استاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، "أن ما نجح الأردن من اختراقه أوروبيا بقيادة جلالة الملك والدبلوماسية الاردنية لم تكن ضربة حظ بل هي نتاج شراكة استراتيجية وعمل دؤوب لسنوات طوال، استطاعت خلالها المملكة انتزاع هذه الثقة من كتلة دولية وازنة اقتصادياً وسياسيًا".
يقول د. الماضي - الذي لا ينظر إلى الخريطة السياسية الأوربية بصفتها مفهوماً سياسياً واحداً، بل تعبر عن مواقف فارقة لبعض أوروبا من قضايا المنطقة -: "يجب عدم اختزال العلاقة مع أوروبا بموقف بعضها من القضايا السياسية الخاصة بنا في المنطقة".
فهم استراتيجي
هذا الرأي يحمله د. الماضي لسببين: الاول ان "هناك فهماً استراتيجياً لهذا الاختلاف بين الطرفين"، والثاني يذكرنا فيه استاذ العلوم السياسية ان "لبعض الدول الاوروبية مواقف فارقة مستشهدا باسبانيا واليونان وبلجيكا وغيرها".
يدعم ذلك "ما يمثله الاردن من حالة سياسية وثقافية وجغرافية مهمة جدا لاوروبا في ظل الاضطرابات التي يشهدها الشرق الاوسط".
أضف الى ذلك – والحديث للدكتور الماضي – "حالة الاستقرار السياسي التي تميز بها الاردن على مرّ التاريخ السياسي الاردني جعلت النظرة الاوروبية للاردن تحمل معاني خاصة من الايجابية والاحترام مقارنة مع دول الاقليم".
ما على الحكومة فعله؟
لهذا كله جاءت دعوة النائب المحامي آية الله فريحات للحكومة الإسراع في اغتنام المساحة الزمنية التي أوجدتها اتفاقية الشراكة الاردنية الاوروبية، في مقابل التركيز على الاعتماد على الذات وبناء الاقتصاد الوطني وفق ذلك من خلال اجراءات اقتصاديه تحفز النمو وتدعم الإنتاج بما يؤدي إلى ازالة التشوهات الاقتصاديه وتعالج مشكلة الفقر والبطالة.
يقول فريحات: "توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية بين الأردن والاتحاد الأوروبي تعكس قدرة جلالة الملك على ممارسة الدبلوماسية بحنكة واقتدار في مرحلة خطيرة في ظل الضغوط التي يتعرض لها الأردن بما يتعلق بالقضية الفلسطينية".