أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

اللجان والمكافآت المالية


سلامة الدرعاوي

اللجان والمكافآت المالية

مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ
قرار مجلس الوزراء بعدم صرف أيّ مكافآت أو بدلات للموظفين أعضاء اللجان الحكومية خلال أوقات الدوام الرسمي خطوة تأتي في سياق إصلاح إداري يهدف للحد من البيروقراطية في القطاع العام وتخفيف الأعباء المالية، حيث تحولت اللجان- في بعض الأحيان- إلى ملاذ آمن للتأجيل والمماطلة، ما أثقل كاهل المواطنين وأخّر إنجاز المعاملات دون مبررات حقيقية.
القرار الجديد يضع حدًا لهذه الممارسات، ويعيد توجيه التركيز إلى الأداء الفعلي، لا إلى الحوافز المالية التي لطالما شكلت دافعا لانضمام الموظفين إلى اللجان، حيث جاء القرار في إطار تعزيز حوكمة اللجان الحكومية وضبط الإنفاق العام، وهو خطوة في الاتجاه الصحيح للحد من تضخم أعداد اللجان التي باتت تشكل عبئا ماليا وإداريا على المؤسسات الحكومية.
إن تشكيل اللجان كان في بعض من الأحيان يتم دون دراسة حقيقية للحاجة إليها، الأمر الذي أدى إلى إهدار الموارد وتأخير إنجاز المعاملات، فالمواطن، الذي يفترض أن يكون المستفيد الأول، وجد نفسه أسير دورة بيروقراطية معقدة تتطلب المرور بعدد لا نهائي من اللجان، بينما الهدف الأساسي من وجودها هو تسهيل الإجراءات لا تعقيدها.
وبالمقابل، لا شك أن هذا القرار سيخفف من التنافس غير الصحي بين الموظفين على عضوية اللجان، والتي غالبا ما كانت تُستخدم كوسيلة لتحقيق مكاسب شخصية على حساب كفاءة العمل، فغياب المكافآت سيجعل عضوية اللجنة مسؤولية فعلية، تقتصر على من لديهم التزام حقيقي بخدمة الصالح العام، وبذلك، ستتم تصفية الكثير من اللجان غير الضرورية، التي كانت تُشكل لأسباب لا تمت للمصلحة العامة بصلة، بل بدافع تحقيق الامتيازات المالية.
أما على صعيد المواطنين، فإن القرار يبشر بسرعة أكبر في إنجاز المعاملات التي طالما عانت من دوامة الإحالات المتكررة إلى اللجان، فالموظف لن يجد حافزا للمماطلة عبر تأخير البت في القضايا، الأمر الذي كان يستنزف وقت المواطن ويُكبله بقيود بيروقراطية غير مبررة، وهذا من شأنه أن يحسن تجربة متلقي الخدمة، ويرفع من مستوى رضا الجمهور عن الأداء الحكومي، وهي نقطة محورية في أي إصلاح إداري حقيقي.
إلى جانب الفوائد التنظيمية، يسهم القرار في تحقيق وفر مالي حقيقي على مستوى الوزارات والمؤسسات الحكومية، حيث كانت مكافآت اللجان تقتطع من موازنات الوزارات، فالتوقف عن صرف هذه المكافآت خلال ساعات العمل سيعيد توزيع هذه الأموال بشكل أكثر كفاءة، بحيث تُوجّه إلى تحسين الخدمات العامة أو دعم الأولويات الوطنية. مع ذلك، فإن هناك تساؤلات حتمية تثار حول آلية تشكيل اللجان مستقبلاً، فكيف سيتم اختيار أعضائها في ظل غياب الحافز المالي؟ هل ستتم العملية وفق معايير الكفاءة والاختصاص، أم ستظل رهينة المحسوبيات والمصالح الضيقة؟ وهنا تكمن التحديات الحقيقية، حيث إن غياب آلية شفافة ودقيقة لاختيار الأعضاء قد يؤدي إلى تكرار المشكلات السابقة ولكن بأشكال مختلفة.
إن قرار مجلس الوزراء بإحالة الموضوع للدراسة الشمولية خطوة إيجابية، ولكن الأهم هو الخروج بتوصيات تضمن آليات واضحة وشفافة تضع حدا لأي استغلال محتمل، ويجب أن يكون اختيار أعضاء اللجان مبنيًا على معايير الجدارة والتخصص، بعيدًا عن أي اعتبارات شخصية، حتى لا يتحول القرار من حل جذري إلى مجرد تعديل سطحي للمشهد البيروقراطي.
مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ