أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العمرو يكتب: الوطن أولاً.. أم الأجندات الحزبية الخارجية والاستجوابات العقيمة؟


نضال الثبيتات العمرو

العمرو يكتب: الوطن أولاً.. أم الأجندات الحزبية الخارجية والاستجوابات العقيمة؟

مدار الساعة ـ
في الوقت الذي يصرّح فيه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عن رغبته بنقل الفلسطينيين من غزة إلى مناطق "أكثر أماناً" مثل مصر أو الأردن، تتفاقم التحديات السياسية والاقتصادية في لحظة مفصلية لا تحتمل التهاون أو التشتت؛ ووسط هذه الظروف تجد الحكومة الأردنية نفسها أمام موجة عارمة من الأسئلة النيابية والاستجوابات التي تثير جدلاً واسعاً حول أهدافها الحقيقية ودوافعها الخفية؛ هذه الأسئلة التي تصدر بغالبيتها عن حزب سياسي ذو توجهات دينية، تجاوزت دورها الرقابي البنّاء لتصبح عبئاً يُثقِل كاهل الحكومة، ويشكل مصدر إلهاء يعطّل مسارات العمل التنموي ويعرقل الإنجاز.
وفي الوقت الذي تنشغل فيه الحكومة، بقيادة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، بخوض معركة شاقة لتحسين الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمارات في ظل محيط إقليمي مشحون بالأزمات، تأتي هذه الاستجوابات لتضع "العصا في الدولايب"، مما يضعف التركيز على الأولويات ويهدد مساعي الإصلاح والتنمية؛ فبدلاً من التكاتف لمواجهة التحديات، نجد أنفسنا أمام استعراض سياسي يُعمّق الأزمات بدل حلّها.
تاريخيا.. لطالما اعتُبرت الأسئلة النيابية وسيلة فعالة لضمان الرقابة والتوازن بين السلطات؛ لكنها في السياق الحالي انحرفت عن هذا الدور وأصبحت أداة سياسية تحمل في طياتها نوايا مُبهمة؛ كيف يمكن تفسير هذه الكمية الكبيرة من الأسئلة المكررة والتي لا تضيف جديداً؟؛ هل هي محاولة لتحقيق مكاسب سياسية داخلية؟؛ أم أنها انعكاس لأجندات خارجية تعمل على تشتيت الجهود الوطنية في وقت نحن بأمسّ الحاجة فيه إلى التكاتف؟
الظرف الراهن لا يحتمل العبث السياسي؛ فالحكومة تعمل بلا هوادة؛ رئيس الوزراء وبعض من وزراؤه يجوبون المحافظات ويقفون على احتياجات القطاعات الحيوية، محاولين تخفيف وطأة الأزمات التي تثقل كاهل المواطن، وبدلاً من أن تدعم السلطة التشريعية هذا الجهد، نجد أحد الأحزاب الكبرى يستنزف طاقة الحكومة بأسئلة واستجوابات عقيمة، استعراض سياسي بحت لا يُسمن ولا يغني من جوع؛ أين هي تلك البرامج والخطط التي كانت شعارات رنانة خلال الحملات الانتخابية؟ أم أنها مجرد أوهام لجرّ الشارع الأردني نحو صناديق الاقتراع؟
المطلوب اليوم وأكثر من أي وقت مضى، هو الالتفاف حول المشاريع الوطنية متجاوزين المصالح الفئوية والحسابات السياسية الضيّقة؛ هذا اذا كانوا يعتبرون الأردن وطن لهم؛ فالمرحلة الحرجة التي نمر بها تتطلب أحزاباً تؤمن بالشراكة الوطنية وتعمل لأجل الوطن وليس لصالح أهداف ذاتية أو خارجية؛ فالأردن بحاجة إلى تكاملية حقيقية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية؛ لا مناكفات عقيمة تُلهي المؤسسات وتُعيق الإنجاز.
وما يثير القلق هو تكرار الأسئلة ذاتها التي طُرحت في مجالس نيابية سابقة وتمت الإجابة عليها مراراً؛ وفي ظل هذا الواقع، يبدو أن بعض الأطراف لم تستوعب حجم المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتق الجميع، فإذا كان الهدف الحقيقي هو خدمة الوطن كما يُضللون به الشارع، فلتكن هناك رؤية واضحة وبرامج عملية تخدم المواطن وتعزز استقرار الدولة؛ أما الاستمرار في هذا النهج، فهو بلا شك يضر بالمصلحة الوطنية، ويُسهم في تشويه صورة العمل البرلماني نفسه.
الأردن بحاجة إلى أحزاب تؤمن بالعمل الجماعي والتكامل بين السلطات، أحزاب تقدم حلولاً عملية وتطرح رؤى قابلة للتنفيذ، لا أحزاب تُغرق المشهد السياسي بالمناكفات والاستعراضات الفارغة؛ فالسؤال هنا ليس فقط عن طبيعة هذه الأسئلة النيابية، بل عن الغاية من ورائها؛ هل الهدف هو تعطيل الحكومة؟ أم تصفية حسابات سياسية على حساب الوطن؟ أم خشيةً من التطرق للتصريحات الترامبية التي تهدف لترحيل الفلسطينيين للأردن ومصر؛ أو لعلهم مؤيدين لها بالباطن؟
أيُّها السيدات والسادة النواب، الوطن يحتاج إلى قوى سياسية بنّاءة تُعلي مصلحة الأردن فوق كل اعتبار؛ فالمرحلة المقبلة تتطلب تضافر الجهود والعمل معاً، بعيداً عن أي محاولات لإعاقة عجلة الدولة أو تشويه صورتها؛ الأردن يمر بمنعطف حاسم، ولا مجال للمزيد من العبث؛ الوقت للعمل والإنجاز، لا للخطابات الجوفاء والمناكفات؛ فلنضع الأردن أولاً، دائماً وأبداً.
مدار الساعة ـ