ربما لم تتخذ حكومة الدكتور جعفر حسان قرارات اقتصادية أو إدارية خارقة حتى اليوم، غير أنها يُسجل لها أمران اثنان لا يمكننا التقليل من شأنهما بهذا الإطار. يكمن الأول في تسارع وتيرة القرارات التي لا أقلل من شأنها وأهميتها، وهي وتيرة لم نعهدها سابقاً، وتؤشر إلى أن اتخاذ القرارات في بعض الملفات لم يكن بحاجة إلى معجزة أو عصا سحرية، بقدر حاجته الى التخلص من البيروقراطية، والتلكؤ والتباطؤ والخوف من التنفيذ. أما الثاني فيؤكد أن عدد القرارات التي أتخذت ساهمت الى حدّ ما في عدم اتساع الفجوة بين الشارع ومؤسسات الدولة، حيث بات واضحاً حرص الحكومة وفق قدرتها وامكانياتها على اتخاذ قرارات ايجابية. ما أود الإشارة إليه في المقال هو القرار المتخذ بخصوص الممثلين في مجالس الإدارة، وتوجيه الحكومة لممثليها في مجالس الإداره للشركات الاستراتيجية المساهمة العامة التي تملك بها مساهمات يتضمن طلب مراجعه آلية احتساب المكافآت وحجمها التي يتقاضونها نظير عضوياتهم في اللجان، والرواتب للمدراء التنفيذيين وعضويات مجلس الإدارة لتكون ضمن محددات إدارية، وسقوف كي تحاكي معدلات السوق الأردني. هذا القرار، على سبيل المثال، لم ينعكس على المواطن بشكل مباشر، حيث انه لا يتعلق بتخفيض الأسعار أو الضريبة او زيادة الرواتب، بل أهميته تكمن في أنه لمس عقل المواطن ممن كان يؤمن بأن المسؤول يتحصل على مكافآت كبيرة نظير وجوده كممثل للحكومة في مجالس الإدارة وان هذه المكافآت تأتي من الضرائب التي يدفعها الناس، فيما لا يتقاضى الموظف سوى القليل. كمواطن أردني ذاق الأمرّين من ارتفاع فاتورة المكافآت أشعر بالراحة من القرار الحكومي، وهو القرار الذي يجب ان يسري على بنود أخرى تمنح المسؤول مكافآت تفوق ما يتقاضاه من رواتب أضعاف المرات. في المرحلة الحساسة التي يمر بها الأردن اقتصادياً وسياسياً لابد من وقف هدر المال العام، وضبط النفقات وتوجيهها بالاتجاه الصحيح، والتخلص من عقدة مجاملة المسؤول والمسؤول السابق على حساب الموازنة العامة للدولة، وهذا ربما يكون للمواطن أهم بكثير من قرارات أخرى. الأردني على استعداد لتحمل كل شيء حين يطمئن على أن الحكومة تفكر به، وبأنها تتخلص من تفاصيل طالما كانت عبئاً عليه، وعبئاً على أي حكومة.