أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الخوالدة يكتب: مشاريع التسوية أم مشاريع التصفية؟


احمد الخوالدة

الخوالدة يكتب: مشاريع التسوية أم مشاريع التصفية؟

مدار الساعة ـ
على مدار العقود الأخيرة، ظهرت سلسلة من الخطط والمبادرات للسلام التي تكاد تتفق على هدفٍ واحد:
تكريس السيطرة الإسرائيلية على غور الأردن وتطويق الوجود الفلسطيني ليقتصر على فئاتٍ محدودة من الطبقة العاملة، مع دفع أعدادٍ أخرى نحو التهجير الداخلي "التجمعات السكانية الفلسطينية الستة" أو التهجير الخارجي "إلى الأردن مباشرة".
مشروع ريغان للسلام، خطة ينون، خطة إيلون، صفقة القرن، والخيار الأردني للسلام ، جميعها تندرج في إطارٍ استراتيجي يسعى، في عمقه، لإعادة تشكيل الواقع الديمغرافي والسياسي في فلسطين والأردن، ليصب في مصلحة إسرائيل التي لا تتوانى عن تهجير الناعم والقسري للفلسطينيين، وتكون التجمعات سكانية الستة في الضفة الغربية تحت الحكم الأردني بالنظام الفدرالي أو الكونفدرالي.
لكن، هل هو مجرد تهديد عابر أم خطر وجودي إن انعكاسات هذه المشاريع على الأردن وفلسطين أكبر من أن تكون مسألة عابرة، إن "التسويات" المقترحة ما هي إلا خطوات لحل القضية الفلسطينية وتفكيك أسسها على مبدأ "القومية اليهودية" و"الوطن البديل" أي تصفيات وليست تسويات، مما يهدد بإعادة رسم خارطة المنطقة وترك الأردن مكشوفًا أمام الفوضى وعدم الاستقرار.
يستند هذا المخطط إلى حقيقةٍ واضحة، أن الأردن هو المفتاح الجغرافي والديمغرافي للحل القضية الفلسطينية ، بوجوده كدولة قوية ومستقلة، يشكل حاجزًا يمنع تمرير هذه المخططات، ويكبح نزعة التوسع الإسرائيلي التلمودية الصهيوينة اليمنية المتطرفة ، لكن في حال انهياره أو فقدان سيادته لصالح مشاريع فدرالية أو كونفدرالية، فإن ذلك يعني تصفية نهائية للقضية الفلسطينية.
من هنا، فإن أي مساس بثوابت الأردن يعني تعريضه للخطر، وتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها، وتحويلها إلى قضية "لاجئين" وعمالة، وليست قضية وطن محتل حسب قرارات الشرعية الدولية الأمم المتحدة ومجلس الأمن، ومن هنا أيضا نُدرك أهمية التمسك بحق العودة.
أيضا في الداخل الأردني، تنشأ قوى متواطئة مع الخارج، تُعرف بالـ"كومبرادور"، تشجع على تقبل تلك المخططات كحلول سلمية ومستقبلية للأردن وفلسطين، إنهم يسوّقون هذه المشاريع تحت ذريعة "السلام" و"التكامل الاقتصادي"، بينما الواقع أن قبول مثل هذه المشاريع يعني التصفية النهائية للقضية الفلسطينية، وتحويل الأردن إلى مجرد كيان مساعد للهيمنة الإسرائيلية، هؤلاء يروجون لأن التنازل عن الثوابت الوطنية هو "خطوة ضرورية" في مواجهة الضغوط، في حين أنهم لا يرون أن بقاء الأردن كدولة ذات سيادة هو ضمانة لبقاء فلسطين وصمود شعبها.
الحل لا يكمن في مجرد رفض تلك المشاريع، بل في الالتفاف حول الدولة ومؤسساتها، وفهم أبعاد الشرعية الوطنية والتشبث بثوابتها، مما يكون صلابة داخلية هي تقف حائط صد أمام هذا المخطط الكبير، علينا أن ندرك بأن الدفاع عن الأردن هو دفاع عن فلسطين، وأن التماسك الداخلي كفيل بأن يصد المخططات التي تُرسم في أروقة السياسة العالمية.
إن دفاعنا عن الأردن لا ينفصل عن دفاعنا عن كرامة العالم العربي والإسلامي بأسره، فالمعركة ليست مجرد صراع على الحدود، بل هي صراع على الهوية والسيادة والمصير، علينا أن نستوعب أن الصمود في وجه التهديدات الخارجية يبدأ من التماسك الداخلي، وأن بناء حصن منيع يستند إلى وعي الشعب وثباته على المبادئ.
إن مواجهة الكومبرادور والخطط الخارجية تستدعي إرادة قوية وإيمانًا بقدرة الشعب الأردني والفلسطيني على الصمود والتحدي، من أجل بناء مستقبل يكون فيه للعدالة والسيادة كلمتهما، بعيدًا عن أي تسويات تُفرض من الخارج.
مدار الساعة ـ