مدار الساعة - كتبت: ديما المجالي - من المفترض أن تكون الأحزاب السياسية في أي دولة ديمقراطية مؤسسات تحمل رؤية وطنية شاملة، لا مجرد كيانات تبحث عن مصالح فئوية أو مناطقية ضيقة، لكن ما نشهده اليوم في المشهد الحزبي الأردني يثير الكثير من التساؤلات، بل ويضع علامات استفهام كبيرة حول مدى جاهزية هذه الأحزاب لخوض انتخابات حزبية وطنية حقيقية.
يُفترض أن يكون النائب الحزبي ممثلًا لمشروع سياسي وبرنامج وطني،وليس مجرد امتداد لدور "نائب الخدمات" الذي يعتمد على تقديم الوعود المناطقية لحصد الأصوات... لكن للأسف، نجد أن بعض النواب الذين دخلوا البرلمان تحت راية الأحزاب يعودون فورًا إلى عقلية "النائب الفردي"، الذي يعمل فقط لخدمة دائرته الانتخابية، متجاهلًا الدور الحقيقي للنائب الحزبي في بناء السياسات العامة والتشريعات الوطنية.
ولكي يكون الأداء النيابي الحزبي ذا معنى، يجب أن يقوم على أسس واضحة. أولًا...الالتزام بالبرنامج الحزبي، حيث لا يمثل النائب الحزبي فقط ناخبي منطقته، بل هو جزء من كتلة برلمانية تعمل وفق برنامج وطني شامل، بعيدًا عن المصالح الفردية أو العشائرية الضيقة.
ثانيًا... تركيز الدور النيابي على التشريع والرقابة بدلًا من الاقتصار على الخدمات، إذ يجب أن يكون دور النائب في البرلمان تشريعيًا ورقابيًا، يسهم في صياغة القوانين ومراقبة الأداء الحكومي، وليس مجرد وسيط للحصول على الخدمات لكسب الولاءات المناطقية. ثالثًا... تعزيز العمل الجماعي داخل الحزب، بحيث يكون الأداء النيابي منسجمًا مع توجهات الحزب ورؤيته الوطنية، وليس قائمًا على اجتهادات فردية لا تعبر سوى عن أصحابها.
واليوم، وأكثر من أي وقت مضى، يحتاج الأردن إلى نواب قادرين على تقديم مشاريع وطنية تعزز الاستقلال الاقتصادي والسياسي، خاصة بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف المساعدات عن الأردن، وهو قرار يحمل في طياته ضغوطًا سياسية يجب التعامل معها بحذر وذكاء.
وإن مواجهة هذا التحدي تتطلب تركيزًا أكبر على التشريع، وسنّ قوانين تدعم الاعتماد على الذات، وتشجع الاستثمارات الوطنية، وتعزز الاقتصاد المحلي بعيدًا عن الارتهان للمساعدات الخارجية... وهذا الدور يقع على عاتق النواب الحزبيين، الذين يُفترض أن يكونوا جزءًا من الحل، لا مجرد متابعين للأحداث.
ويمثل البرلمان الحالي بتركيبته الحزبية امتحانًا حقيقيًا لقدرة الأحزاب السياسية على تقديم نموذج وطني جديد... فإما أن تثبت هذه الأحزاب جدارتها بتمثيل الشارع وفق برامج واضحة ورؤى إصلاحية، أو أن تعيد إنتاج المشهد التقليدي لكن بواجهة حزبية شكلية.
والجميع يطمح إلى رؤية مشهد حزبي وطني حقيقي، وان يكون الحزب أداةً للتغيير والإصلاح،وليس مجرد وسيلة للوصول إلى المقاعد النيابية.