مدار الساعة - نسرين الضمور - أكد باحثون أكاديميون وخبراء من جامعات أردنية اكتشاف وتوثيق مشارف الشام التاريخية في بلدة المشيرفة وجوارها مدين ومؤتة بمحافظة الكرك، والتي حظيت بتقنيات تصنيع السيوف المشرفية الحربية في العصور القديمة، ونالت شرف تصنيع احد سيوف الرسول محمد صلى الله علية وسلم المعروف ب"السيف المشرفي" والمحفوظ حاليا في متحف توبكاني بمدينة اسطنبول في تركيا.
جاء الإعلان عن الكشف التاريخي المهم في المؤتمر الثالث الذي عقده الفريق البحثي في جمعية المشيرفة الخيرية بعنوان"التطوير التراثي لمنطقة المشارف/ المشيرفة وجوارها بمحافظة الكرك في إطار ملتقى تطوير جنوب المملكة تراثيا وسياحيا الذي يقوم علية اتحاد المؤرخين في تراث القبائل والجامعات الاردنية "الهاشمية وآل البيت ومؤتة"، بالتعاون مع جمعية مدين الخيرية واتحاد الكتاب والادباء الأردنيين ومبادرة درب الوئام وعدد من المنتديات والمؤسسات المعنية بالشأن السياحي والثقافي.
وقال رئيس الفريق البحثي استاذ علم الاثار في الجامعة الهاشمية / رئيس اللجنة التنظيمية للمؤتمر الدكتور محمد وهيب ان بلدة مشارف/ المشيرفه في الكرك تعتبر من بين اهم القرى التاريخية والتي كان لها دور بارز منذ العصور البرونزية، الحديدية، الكلاسيكية والرومانية والبيزنطية والاسلامية، حيث اكدت نتائج البحث العلمي والمسوحات الأثرية، والدراسات الميدانية، والنشر العلمي التي قام بها الفريق على مدى خمسة اعوام ان حضارة مشارف الشام تشمل المشيرفه/ ومدين/ ومؤتة وهي من بين اهم الحضارات الكبرى في تاريخ الشرق القديم.
واشار الى ان عدد أمن المؤرخين القدامى والمحدثين ذهبوا الى تحديد موقعها في مشارف بلاد الشام بالنسبة للقادم من الجزيرة العربية وخاصة في الكرك، واكدوا انها مصدر للسيوف المشرفيه التي حملت اسمها وانتشرت في العالم العربي وقيل فيها العديد من القصائد الشعرية التي تمجد جودة صناعتها ومتانتها وقومتها باعتباره تراثا عربيا اسلاميا هاشميا ومن بين تلك السيوف سيف الرسول محمد بدلالة اسم " السيف المشرفي "المحفور بخط نسخي غائر على مقبضه والذي اهداه اهل المشارف للرسول.
وتابع واثناء قيام الفريق بالدراسات الميدانيه تم الكشف عن الاثار القديمة لبلدة المشيرفه ومدين والمنشآت المائية وبقايا العمائر القديمة التي اعيد استخدامها عدة مرات، بالإضافة الى ظهور منطقة المسن المجاورة للمشرفة والتي من الراجح انها كانت تستخدم لشحذ السيوف والأدوات والأسلحة الحديدية حيث تعود بحسب التحليل الى العصر الروماني والبيزنطي ما بين القرن الاول – السابع الميلادي إذ ما تزال بقايا بعض الورش موجودة على ارض الواقع في المنطقة.
ومن الدلائل الدامغة ايضا على المكتشف بحسب وهيب- وفرة خامات المعادن وابرزها النحاس والحديد في جوار المشيرفة وخاصة قرب الشاطئ الشرقي للبحر الميت، ووادي عربة،وفي مغارة ورده في عجلون، وفي شمال الجزيرة العربية حيث كانت تلك الخامات تتنقل عبر طريق الايلاف القرشي وخاصة من منطقة وادي فينان، مصدر رئيسي لخامات النحاس خلال العصور البرونزية وحتى العصور الإسلامية المتأخرة.
وأوضح أن التراث غير المادي الشائع بين سكان البلدة والمتوارث من الأجداد يدعم بشكل كامل الحكاية الشعبية القائلة أن منطقة صناعة السيوف كانت ببلدة المشيرفة بجوار الحضارة الشهيرة بمدين، حيث تلتقي هنا طرق القوافل التجارية في العالم القديم.
واشار الى ان ما يدعم المكتشف ايضا ورود اسم المشيرفة في العديد من المصادر والمراجع التاريخية على أنها في جنوب الأردن، ضمن مؤاب القديمة " الكرك حاليا"، كما أن العديد من تلك المصادر ذكرت أن السيوف العربية قبل الاسلام كانت تصنع وتنتج في أرض مؤاب كدلالات واضحة على دور مؤاب بعملية الصناعة والانتاج والتصدير عبر طرق التجارة السائدة خلال تلك الفترة الماضية وخاصة طريق الإيلاف القرشي، حيث كانت البضائع تنتقل من بلاد الشام الى الجزيرة العربية والعكس.
ودعا وهيب الى إطلاق عدة مبادرات منها المطالبة باستعادة سيف الرسول من تركيا واعادة احياء مهنة صنعة السيوف المشرفية في البلدة باقامة مصنع مرخص لصناعاتها لتقدم كهدايا تذكاريه في المناسبات العامة ولتشجيع المواطنين على اقتنائها كتحفة تراثية، إضافة الى إقامة نصب لسيف الرسول في البلدة المشرفة وتنظيم مهرجان سنوي في الكرك لعرض السيوف المشرفية وكيفية صناعاتها لاحياء التراث المادي وغير المادي المرتبطة بثقافة السيف اضافة لتحديد مسار سياحي للبلدة واقامة مركزا لزوار يضم ركنا ثقافيا لعرض السيوف المشرفية.
واثنى رئيس بلدية الكرك الكبرى المهندس محمد المعايطة الذي رعى المؤتمر،على جهود الفريق البحثي الاكاديمي وجميع القائمين على الملتقى في سعيهم الدؤوب بجهود تطوعية في الكشف عن المواقع الاثرية والحقائق التاريخية المرتبطة بها والتي تدعم التنشيط السياحي من خلال تطوير المواقع الاثرية والحث على اعادة تاهيلها واستثمارها للاغراض السياحية بما يساعد في توفير فرص العمل لابناء المحافظة.
وابدى المعايطة الاستعداد للتعاون مع الفريق البحثي لنشر نتائج الابحاث التي تم اعدادها في كتاب مع امكانية الاستفادة من مشغل الحدادة في البلدية لصناعة السيوف المشرفية لتستخدم كهدايا اضافة لترميم احد البيوت القديمة في البلدة لاستخدامه كنقطة انطلاق للمسار السياحي الديني التراثي الذي يتوجب رسمه للبلدة وربطه بكافة المواقع والمعالم الاثرية والسياحية ضمن المحافظة.
وبدوره استعرض رئيس اتحاد المؤرخين في تراث القبائل سعد سلامة، جانبا من تاريخ الكرك التي قال أنها منارة من منارات الوطن وفي كل بقعة فيها تتجسد موقعا تاريخا وتراثيا وسياحيا يجب العناية بها والمحافظة عليها واستثمارها بالشكل الامثل بما يعود على المحافظة بالنفع الاقتصادي والاجتماعي معربا عن اعتزازه بالشراكة مع الجامعات الاردنية ومؤسسات المجتمع المدني لبسر اغوار المواقع الاثرية التي لم تنل نصيبها من الاهتمام بعد.
وأشار رئيس مبادرة درب الوئام مناور الشخاترة إلى أن المبادرة التي تعمل بجهود تطوعية بالشراكة مع مجموعة من الأكاديميين والباحثين والمعنيين بالشأن التراثي والسياحي لابراز المعالم الاثرية والسياحية والكشف عن مكنوزاتها وتحديد المسارات السياحية على امتداد مساحة الوطن لتسويقها ووضعها على الخارطة السياحة المحلية والعالمية.
ودعا الدكتور محمد خاطر الى ايلاء القطاع السياحي الاولوية القوى لتحسين الاقتصاد الوطني من خلال وضع خطط استراتيجية وبرامج سياحية قابلة للتنفيذ ودمجها في ثقافة المجتمع ابتداء من المدارس والجامعات مرورا بالهيئات الثقافية وصولا الى المجتمع بشكل عام.
وقالت رئيسة جمعية مدين الخيرية هنية البيايضة ان هذا المؤتمر ياتي استكمالا للمؤتمرين السابقين الذين تم عقدهما في بلدة مدين وتم فيهما اكتشاف وتوثيق حضارة مدين على ارض الاردن ومركزها بلدة مدين في الكرك إضافة لإثبات أن "بئر مدين"، الموجود في البلدة هو الذي ورد ذكره في القران الكريم، مؤكده على اهمية المسار السياحي لبلدتي المشيرفة ومدين والمناطق المحيطة بها لاظهار جوانبها الغنية بالحضارة والتاريخ وتعزيز افاق السياحة الثقافية والتراثية وتطوير البنى التحتية والاقتصادي لهذه المناطق لتحقيق التنمية المستدامة.
وباسم المجتمع المحلي شكر عصام الضمور واحمد الضمور الفريق البحثي وجميع الجهات المشاركة والتي عملت على توثيق البلدة واظهار ارثها التاريخي لوضعه على الخارطة السياحية.
ونوقشت في المؤتمر الذي حضره مدير سياحه المحافظة ساطع المساعده واعضاء من مجلس المحافظة وجمع من أهالي البلدة ومهتمين بالشأن السياحي عدة ارواق بحثيه حيث تناولت الدكتوره زين القرعان من جامعة مؤته اهمية التطوير السياحي والتراثي للمشيرفة مقدمة جملة مقترحات لتحقيق تنمية سياحة مستدامة من خلال وضعها على خارطة السياحة الدينية وربطها بالمواقع السياحية الاخرى في المحافظة وتاهيل المباني القديمة والبنى التحتية والفوقية في البلده، فيما قدمت الباحثة والاعلامية الدكتورة جمانه دويكات جملة اراء لتطوير المسارات السياحية في منطقة المشارف وربطها مع الخدمات السياحية وتوفير سبل ديمومتها وضرورة استكمال الدراسات البحثية عن المنطقة.
وقدم الدكتور عبد العزيز محمود ورقة عن اهمية الحرف وصناعة السيوف في المشيرفة فيما تناول الدكتور محمد بن طريف تعزيز دور الطلبة في الحافظ على المشيرفة وجوارها كما وقدم الدكتور عدنان لطفي ورقة عن اقتصاديات السياحة في المشيرفه وثمارها على المجتمع اما الدكتور مهدي العلمي فعرض لاهمية تسويق وترويج صناعة السيوف المشرفية في العالمين العربي والاسلامي.الرأي