يبدو أن التدمير الإسرائيلي الممنهج للبنى التحتية في شمال القطاع وإعدام كل مقومات الحياة من مساكن ومؤسسات تعليمية وصحية وخدمات لم يكن عبثاً، بل كان مدروساً بعناية ومخطط له اسرائيلاً طيلة فترة الحرب التي كشفت عن الهدف غير المعلن للاحتلال ألا وهو إفراغ القطاع من الفلسطينيين وتنفيذ مخطط التهجير الناعم أو "الإنساني" في حال فشلت خطة التهجير القسري بالإكراه والقوة وتعذر تبريرها أمام المجتمع الدولي بالتزامن مع صمود سكان القطاع وإصرار عربي " أردني_مصري" على رفض مخطط التهجير بأي شكل من الأشكال سواء من قطاع غزة أو الضفة الغربية باعتباره جريمة حرب كما صرح جلالة الملك عبدالله الثاني في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبمثابة تصفية للقضية الفلسطينية على حساب المصالح الوطنية العليا في الأردن.
إعادة الإعمار في غزة ملف شائك ومعقد وحسب التقديرات الأولية يحتاج إلى مليارات الدولارات نتيجة الكارثة الإنسانية التي خلفها العدوان على غزة، بهدف تعميق أزمة الغزيين وحصر الخيارات الممكنة لحل هذا الملف باتجاه تعزيز سيطرة إسرائيل على شمال القطاع واستغلال المنطقة بما يتوائم مع مخطط الاستيطان الإسرائيلي ضمن طيات سردية تأمين غلاف غزة بالقضاء على حماس وعدم تكرار أحداث السابع من اكتوبر والذي من المفترض أن تتحمل اسرائيل مسؤولية تداعياته بشتى الجوانب وعلى رأسها الكُلف الإنسانية والاقتصادية وليس العرب كما جاء بمقترح ترامب بشأن التعاون العربي لتحمل تبعات اللجوء الإنساني المؤقت أو الدائم للفلسطينيين بين مصر والأردن.
أردنياً هذا الملف محسوم لدينا على المستويين الرسمي والشعبي، ولن نكون خياراً بديلاً عن إقامة دولة فلسطينية مستقلة تلبي طموحات الشعب الفلسطيني، "فالأردن للأردنيين وفلسطين للفلسطينيين" وهذا ما أكد عليه جلالة سيد البلاد الملك عبدالله الثاني مراراً وتكراراً ب" اللاءات الثلاث"، فالمصلحة الوطنية العليا على رأس قائمة أولوياتنا ولا مساومة فيها أو عليها، والأردنيين اليوم بأمس الحاجة لترسيخ الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية مستظلين بالهوية الوطنية الأردنية وملتفين حول القيادة الهاشمية انتصارًا لثوابتنا تجاه القضية الفلسطينية وضمان الحفاظ على الأمن والاستقرار الوطني.