أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

المجالي يكتب: ماذا قدمنا لمن أنقذ السياحة في عام 2024؟


نضال المجالي

المجالي يكتب: ماذا قدمنا لمن أنقذ السياحة في عام 2024؟

مدار الساعة (الغد) ـ
بيانات وزارة السياحة والتي استعرضتها حديثا وبالتأكيد وفق ما صدر من البنك المركزي، تؤكد أن إنفاق السيّاح العرب وصل لنحو 2,5 مليار دينار أردني خلال العام 2024، وأن الزوار القادمين من الخليج هم من حققوا نصف هذا المبلغ أو أقل، والنصف أو أكثر أنفقته الجنسيات العربية الأخرى، وأن المغتربين الأردنيين أنفقوا في السياحة المحلية 1,7 مليار دينار، ومجمل ما حققه العائد السياحي كان 5,1 مليار دينار، يعني بلغة عادية أو- حسبة عرب- حقق العرب والأردنيون 85 %؜ من عوائد كامل الناتج من السياحة في العام 2024، مما تستوجب هذه النسبة السؤال عما قدمنا من امتيازات وتسويق وتسهيل لمن حقق 4,2 مليار دينار مقابل ما قدمنا من امتيازات وتسهيل ودعوات لمن حقق 900 مليون دينار؟
هل صرفنا بدل معارض وسفرات ومياومات في الخليج بقدر ما صرفنا بدل معارض ومياومات في أوروبا وأميركا والهند مثلا؟ هل منحنا الطيران العربي أو الأردني ووسائل النقل السياحية المحلية والعربية الأخرى التي حملت العرب ما منحناه لطيران وناقل آخر ينقل السيّاح الأجانب حسب مزاجه وتتوقف رحلاته عند أول تخوف؟ هل قدمنا تسهيلات لوكالات السياحة التي تستهدف العرب والخليج ما قدمناه لوكالات السياحة التي تستهدف الأوروبيين وأميركا وغيرها؟ هل تعاملنا مع السائح العربي كما نتعامل مع السائح الأجنبي غير سعر تذكرة دخول المواقع؟ وأسئلة لا تنتهي وقد يكون جواب جميعها "نعم" قدمنا في تسويق الأردن وخدمة السيّاح العرب والمغتربين الأردنيين أكثر مما قدمنا للأجنبي أو ما يماثله. ولكن أتمنى أن أسمع هذا الجواب تصريحا مكتوبا بما قدمناه وما يقابله من ردود من مشغلي القطاع لنوقف النقاش.
ما أودّ أن أطرحه في مقالي أن في الأعوام الماضية ما جعل الخريطة السياحية ذات شكل وملامح ونتائج واتجاهات مختلفة نتيجة كثرة التقلبات الجيوسياسية، لتؤكد في كل السنوات السابقة أن القائمين على خطط التسويق السياحي والنهوض بالقطاع يجب أن يعملوا بتفكير وهمة وطريقة مختلفة وهو ما تتحدث به معالي وزيرة السياحة في كل لقاء، وعلى هيئة تنشيط السياحة باعتبارها الجسم الوطني الممثل لتسويق الأردن ترجمة هذه التصريحات لواقع، وإن كان الجواب المعهود- بأننا بدأنا في الوصول أو وصلنا إلى أسواق جديدة- إلا أنني لم أسمع كثيرا أن في أسواقهم الجديدة الخليج والدول العربية، بل ما يزالون ينفقون ويسافرون ويضعون في خططهم أسواقاً لن تحقق ما حققناه من دولة خليجية واحدة بالعدد والإنفاق في عام واحد، وأمثلة ذلك كثيرة، ومن يتساءل- معقول هالحكي- سأقول له مثالا واحداً من المستقبل وليس الماضي إن هناك بند مخصصات للعام الحالي يحمل رقما مليونيا لنكون مشاركين في معرض في اليابان، والذي سننفق في خدمة رواتب ومياومات المعينين والمسافرين له طوال أشهر ما يزيد على الدخل المتأتي منه أو يفوق موازنة مؤسسة حكومية، ما لم يكن العائد غير سياحي ويستحق هذا إجابة مكتملة لنوقف النقاش فيه أيضا. فما هي المعادلة لاختيار الأسواق والمعارض وبنود الصرف وعائد الإنفاق منها محليا وهل تعرض بشكل يوضح نتائجها؟.
قد يكون ما ذهبت إليه في كلامي أو ما تحقق من أرقام هو غير المعهود في أيام الرخاء والسلم في المنطقة، والتي يختلف فيها ميزان الأرقام والدخل، ولكن ما ذهبت إليه هو ما يتم تسجيله في كل مرة نواجه فيها تحديا جيوسياسيا في الأردن، بالرغم من أن بيانات منظمة السياحة العالمية الصادرة حديثا تؤكد تعافي قطاع السياحة في الشرق الأوسط بنسبة 32 % مقارنة بعام 2019 والذي اعتمد سنة أساس وبمعدل ارتفاع 1 % مقارنة بعام 2023 مما يعطي أملا دائما بصعود الأرقام والأثر محليا، ولكن عام 2024 في التصريحات والأرقام الرسمية يؤكد التراجع محليا، فهل نحن لسنا ضمن منطقة الشرق الأوسط؟ وعودة إلى ما حققناه وعنوان المقال أقول إن في الجيران من الأشقاء العرب والمغتربين من الأردنيين ما يحقق استدامة الحياة لقطاع يعاني الشلل في الظروف الصعبة، فهل نبقى نبني خططنا متوافقة مع حالات الرخاء والهدوء في المنطقة، ونسمع ذات الإجابة عند تراجع القطاع؟ أم علينا أن نبني خططا حقيقية توافق الظروف جميعها وتحمي كافة العاملين والمشغلين في القطاع؟ وهل نحن جاهزون للتعامل ما بعد الظروف الصعبة أم سنتفاجأ كما حدث بعد جائحة كورونا والتي وصل الحال بنا لنقل السيّاح في باص مدرسة حينها؟
نحتاج لإعادة حساباتنا في التسويق وتقديم الامتيازات وبناء الخطط لكل من يخدم أو يساهم في وصول السائح العربي قبل غيره "فقليل دائم خير من كثير منقطع"، ونحتاج اهتماما أكثر في لقاء أبناء الأردن في الخارج وتسهيل متطلبات حياتهم ورغبات سفرهم واستثماراتهم وإدارة برامج عطلهم الصيفية، فهم عصب لا يتوقف في دعم الاقتصاد والدخل القومي، ولنعلم أن من كانت الأردن خياره الأول في السفر إليها في كل الظروف دون تدخل المكلفين بالتسويق هم هذه النخبة من السيّاح، وأما غيرهم فنحن خيار حسب المزاج والظروف وبعض من جهد مقدر لهيئة تنشيط السياحة، ولنعلم أن حجم الإنفاق من هذا النوع من الزوار هم ليسوا ممن اختاروا الأردن تحت عنوان أنها "متحف مفتوح"، فقلة كثيرة منهم اختارت البتراء أو جرش أو المدرج الروماني أو مادبا، في وقت اختارنا أكثرهم لسهولة التواصل باللغة المحكاة، وجمال عيش حياة الريف والصحراء وسط الأردن وجنوبه، وخضرة الطبيعة في شمال الوطن، ودفء وهدوء البحر في العقبة والبحر الميت، أو استشفاء وعلاجا في ماعين وبعض المستشفيات، مما يلزمنا بتسويق المغامرة والطبيعة وأسلوب الحياة والعلاج قبل الحجر، ولا أنتقص من الحجر فهو إرث عصور وأقوام، ومن يقول كلامي غير صحيح فهي وجهة نظري وأنصحه بقراءة بيانات الجار القريب جمهورية مصر العربية والتي تستقبل ما يزيد على 15 مليون سائح سنويا، 90 % منهم اختار الترفيه مقابل 10 % اختاروا أعرق وأغنى وأوسع ثقافة أثرية فرعونية، ثمن أقل كنوزها يعادل إنشاء متحف دولي، فسلوك ومتطلبات ورغبات السائح اختلفت، ونحن ما زلنا نسمع توصية ونهتم لفكرة ونتبنى خطة يقدمها عضو عامل منذ سنوات قديمة ممثلا لقطاع سياحي، وهو لا يملك فيه شيئا غير أنه كان سابقا مستثمرا أو عاملا فيه.
مدار الساعة (الغد) ـ