أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

تقرير مالية الأعيان.. توصيات عميقة


سلامة الدرعاوي

تقرير مالية الأعيان.. توصيات عميقة

مدار الساعة (الغد) ـ
مدار الساعة - تقرير اللجنة المالية في مجلس الأعيان يلامس العمق الحقيقي في معالجة القضايا المالية العامة في الأردن، ليس فقط بسبب عمق الطرح الذي قدمه، بل لأنه يضع يده على المفاصل الرئيسية دون مجاملة أو محاولة لتغطية الحقائق، مقارنة بتقرير اللجنة المالية في مجلس النواب، حيث يظهر الفرق، بأن الأعيان يتعامل مع الحقائق، والثاني يدور حول الشعبويات.
تقرير اللجنة المالية في مجلس الأعيان يركز على ضرورة اتخاذ قرارات حاسمة وضرورية لمعالجة المديونية وعجز الموازنة الذي وصل إلى مستويات تهدد الاستقرار المالي.
ومن أبرز التوصيات التي قدمتها لجنة الأعيان، والتي تعكس نظرة استراتيجية وشمولية، اعتماد مبدأ إيصال الدعم لمستحقيه فقط، فلا يمكن لدولة تعاني من عجز مالي متزايد أن تستمر في سياسة دعم الجميع بلا تمييز، سواء كانوا أغنياء أم فقراء، مواطنين أم مقيمين، لذلك وضعت اللجنة معايير دقيقة لتحديد المستحقين، تشمل العاملين في القطاع العام والمتقاعدين ومحدودي الدخل من مشتركي الضمان الاجتماعي، وهذا الاقتراح ليس فقط إصلاحًا ماليًا، بل خطوة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، إذ يوجه الدعم لمن يحتاجه فعلاً، بدلًا من استنزاف الموارد في سياسات غير مستدامة.
تقرير اللجنة المالية في مجلس الأعيان يمثل خطوة متقدمة في معالجة القضايا المالية العامة في الأردن، ويكشف عن رؤية عميقة وشاملة تتجاوز السطحية، حيث لا يكتفي بطرح المشكلات، بل يضع حلولاً عملية وجريئة تلامس جوهر التحديات الاقتصادية. التوصية الثانية التي طرحها مجلس الأعيان تتعلق بتمكين الجامعات الأردنية من الوصول إلى الاكتفاء الذاتي خلال ثلاث سنوات، وهذه الخطوة تمثل تحولاً جذرياً في طريقة التعامل مع ملف التعليم العالي، حيث تهدف إلى تقليل الاعتماد على الدعم الحكومي وتمكين الجامعات من إدارة مواردها بشكل مستقل.
لجنة الأعيان لم تكتفِ بالإشارة إلى المشكلة، بل اقترحت إنشاء صندوق بقيمة مائة مليون دينار لتمويل المشاريع الرأسمالية للجامعات بقروض ميسرة، وهو ما يمثل توجهاً عملياً لضمان استمرار الجامعات في تقديم خدماتها دون الإضرار بجودتها.
في القطاع الصحي، جاءت توصيات مجلس الأعيان بتركيز واضح على تعزيز كفاءة المستشفيات الحكومية واعتمادها فقط للمعالجات والإعفاءات الطبية، وهذا المقترح يهدف إلى ضبط الإنفاق الصحي المتزايد، مع تحسين جودة الخدمات عبر توفير أطباء اختصاص مدعومين بنظام حوافز يشبه ما هو معمول به في الخدمات الطبية الملكية، وهذه الرؤية تعكس تفكيراً استراتيجياً في كيفية الاستفادة من الموارد المتاحة بشكل أمثل.
رفع كفاءة الإنفاق الحكومي كان أيضاً من بين الأولويات التي ركز عليها تقرير مجلس الأعيان، حيث أشار إلى تقارير متخصصة تؤكد التراجع الكبير في كفاءة الإنفاق في القطاعات الخدمية، وهذه التوصية تطالب بمنح هذا الموضوع أولوية قصوى ضمن خطط التطوير الإداري والقطاعي، وهو ما يعكس وعياً بأهمية تحسين إدارة الموارد لتقديم خدمات أفضل للمواطنين.
أخيراً، تناول تقرير مجلس الأعيان بأسلوب واضح ومنهجي قضية إعادة النظر في أسلوب إعداد الموازنة وإدارة المال العام، فاللجنة شددت على أن ضبط المال العام لا يمكن أن يقتصر على الإنفاق ضمن المخصصات المرصودة في الموازنة، بل يجب أن يشمل معالجة مشكلة تراكم المستحقات غير المدفوعة التي تتحول إلى مديونية إضافية تُثقل كاهل الدولة. وهذه التوصية تمثل رؤية بعيدة المدى تهدف إلى تعزيز الاستدامة المالية ومنع ظهور أزمات مالية متكررة. في المحصلة، تقرير اللجنة المالية في مجلس الأعيان يمثل نموذجاً في التحليل المتعمق والتوصيات العملية، وبذلك مجلس الأعيان قدم خريطة طريق واضحة للتعامل مع الأزمات المالية والاقتصادية.
مدار الساعة (الغد) ـ