أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الزعبي يكتب: الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية 2016-2025 (الجزء الاول)


الاستاذ الدكتور عبدالله سرور الزعبي
رئيس جامعة البلقاء التطبيقية السابق

الزعبي يكتب: الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية 2016-2025 (الجزء الاول)

الاستاذ الدكتور عبدالله سرور الزعبي
الاستاذ الدكتور عبدالله سرور الزعبي
رئيس جامعة البلقاء التطبيقية السابق
مدار الساعة ـ
منذ بداية عملي الاكاديمي عاصرت الكثير من الاستراتيجيات الهادفة للنهوض بقطاع التعليم والانتقال به الى المستويات العالمية، مروراً بمخرجات اللجنة التوجيهية للجنة الوطنية والتي كان من محاورها، محور العمالة والتدريب المهني ومحور التعليم، والخطة الاستراتيجية للأعوام 2014 -2018 والتي اعدت من قبل لجنة برئاسة دولة الدكتور عدنان بدران والتي اطلق عليها (رئيس اللجنة) اثناء عرضها امام دولة رئيس الوزراء الدكتور عبدالله النسور اسم استراتيجية الاستراتيجيات، الا ان كافة الخطط الاستراتيجية لم تنفذ ولم تصل الى النهايات لنرى نتائجها، حيث في الاغلب الأحيان كان يتم التراجع عنها اما مع تغير المسؤولين عن القطاع او مع تغير التوجهات الحكومية او لكي لا يظهر الفشل في تنفيذها، هذا مع العلم بان كافة الاستراتيجيات التي كنت قد اطلعت عليها خلال السنوات السابقة كانت متميزة في التخطيط، الا انه لم يتبعها خطط تنفيذية توازيها وتقيم حقيقي تتبعة المساءلة.
ومن منطلق اهتماماتي الشخصية كنت قد اطلعت على الكثير من التجارب العالمية الناجحة والتي كانت تهدف لتحقيق التميز، كانت قد انطلقت من التخطيط والتطبيق وعمليات التقييم المستمرة والمساءلة في النهاية. من بين التجارب الناجحة وعلى مستوى العالم كانت الخطط الاستراتيجية في سنغافورة، وهي الدولة التي تعاني من شح في مواردها الطبيعية، الا انها وخلال اقل من عقدين نجحت وبقوة في الاستثمار بالموارد البشرية واصبح نظامها التعليمي من ارقى النظم العالمية وطلابها يحصدون المراتب المتقدمة في العالم في الرياضيات والعلوم (سيكون هناك مقارنة لنتائج الاختبارات الدولية لطلبة سنغافورة مع طلبة الأردن في الجزء الثاني من هذا المقال)، كما لا بد من الإشارة الى ان سنغافورة انتهت خطتها لعام 2010 (خطة كفاءات القرن الحادي والعشرين) وهي اليوم تحصد وتقيم نتائجها.
اما خطط كوريا الجنوبية في الاعتماد على الموارد البشرية وهي التي نفذت خطة تعليمية لإعداد طلابها لاقتصاد عالمي متغير بسرعة، نقلتها من دولة فقيرة للغاية الى واحدة من اقوى عشرين اقتصاد في العالم، وبالمناسبة كوريا اليوم تخطط لدمج جامعاتها الحكومية في نظام جامعي واحد "جامعة واحدة ومتميزة" (ونحن لم نتمكن من دمج وزارة التربية والتعليم مع وزارة التعليم العالي منذ عام 2018، واذكر ان معالي الدكتور عادل الطويسي سبق وان حدثني بان دولة رئيس الوزراء في ذلك العام طلب منه العمل على دمج الوزارتين معاً خلال فترة من 3 – 6 شهور، وهو الذي كان له راي اخر في هذا الموضوع وقد اعتذر لعدم القناعة في مثل هذا الاجراء، وخرج بسبب ذلك من الحكومة ليأتي خلفة ومن تبعه من الوزراء (خمسة وزراء ) الا انه ولغاية الان لم تتحقق عملية الدمج، وعلى الرغم من اعلان الحكومة اكثر من مرة ومنها بتاريخ 31/7/2022 بان عملية الدمج ستكون في الأعوام 2022-2024، وسبق لمجلس الوزراء ان وافق على الدمج في أيار 2024، منشور بتاريخ 6/5/2024، واخيراً قرار مجلس الوزراء بإقرار مشروع قانون الدمج بحيث يصبح اسم الوزارة، وزارة التربية وتنمية الموارد البشرية بتاريخ 4/1/2025، أي بعد ستة سنوات من خروج معالي الطويسي من الوزارة).
يضاف الى ذلك التجربة الفنلندية التي بدأت الإصلاحات التعليمية فيها مع بداية القرن الحالي، وكان ذلك بعد ان ايقنت ان الخروج من ازمة الهبوط في الناتج المحلي وارتفاع البطالة التي كانت تعاني منها في تسعينات القرن الماضي لا يمكن اني يتم الا بإصلاح نظام التعليم، وأصبحت في اقل من عقدين من انجح الأنظمة التعليمية في العالم، لا بل أصبحت من اول خمس دول في القدرة التنافسية الاقتصادية في العالم (تقرير منتدى الاقتصاد العالمي 2014). كما ان هناك تجارب لدول أخرى مثل ماليزيا وبنغلادش وتركيا والبرازيل وغيرها من الدول التي خططت وتابعت التنفيذ والتقييم ونجحت بجدارة.
ومن منطلق ايمان جلالة الملك بان تنمية الموارد البشرية يعتبر خيار استراتيجي، وهو الذي يؤكد بان تنمية الموارد البشرية كانت ولا تزال مصدر فخر واعتزاز ومنعة للوطن، ولذلك صدرت التوجيهات الملكية بتشكيل لجنة لوضع خطة استراتيجية وطنية شاملة. حيث عملت اللجنة والتي ضمت عدد كبير من الخبراء وكانت برئاسة الدكتور وجيه عويس، منطلقة من ان النظام التعليمي في الاردن تراجع خلال السنوات العشر الماضية، وان أكثر من 80% من طلاب الصف الثاني والثالث لا يمكنهم فهم ما يقرؤون (صفحة 132 من الخطة الاستراتيجية)، وقد تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية تحت رعاية ملكية سامية في ايلول 2016 وتحت شعار "التعليم من اجل الازدهار، وعلى ان تحقق اهدافها بحلول عام 2025، وهو العام الذي يجب ان نحصد فيه النتائج للنطلق الى مرحلة اخرى من التعليم يقدم مهارات عالية لمهن المستقبل المختلفة كلياً عن الموجود او المنظور خلال هذا العقد من الزمن.
لقد ورد في الاستراتيجية بانها ستوفر على مستوى المملكة قوى عاملة تتمتع بالكفاءة والقدرات والسلوكيات الضرورية لتحقيق طموحات الاردن على مختلف الاصعدة الاقتصادية والاجتماعية (صفحة 11). كما ورد في ذات الصفحة بانها ستكون بالنسبة للمجتمع عبارة عن منظومة تعني بشؤون التعليم وتنمية الموارد البشرية وتمنح احساساً بالفخر وتسهم في تعزيز الانتاجية والتعاون والقدرة على التكيف في المجتمع. كما ورد فيها ايضاً بانها ستتيح للأردن تحقيق اهداف التنمية المستدامة، وأنها بحلول 2025 ستحقق زيادة كبيرة في اعداد الشباب والبالغين ممن يمتلكون المهارات الفنية والتقنية المتوافقة مع احتياجات سوق العمل وتمكنهم من الحصول على وظائف مناسبة للدخول الى عالم ريادة الاعمال. كما انها وضعت برامج لكل مرحلة من رياض الاطفال والتعليم المدرسي (العام) والتعليم المهني والتفني والتعليم العالي.
اليوم وقد دخلنا عام 2025، أصبح من الواجب تقيم الاداء والتوقف عند النتائج والاجابة على التساؤل هل بالفعل عملت القيادات التنفيذية في المؤسسات التعليمية على تحقيق الاهداف التي خطط لها وأنفق عليها الجهد والمال.
وفي هذا المقال، لن اتطرق الى مرحلة رياض الاطفال، بسبب عدم توفر المعلومات الكافية لدي ولمحدودية خبرتي في هذا المجال، بل سأنطلق مباشرة من مرحلة التعليم العام والتي ستكون محور الجزء الثاني من هذا المقال.
مدار الساعة ـ