أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات مختارة تبليغات قضائية مقالات أسرار ومجالس مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الضمور يكتب: إنكار معروف الأردن.. جريمة أخلاقية وتاريخية


د. محمد خير فيصل الضمور

الضمور يكتب: إنكار معروف الأردن.. جريمة أخلاقية وتاريخية

مدار الساعة ـ
في مشهدٍ مأساوي تتسابق فيه الأصوات لتحقيق مكاسب سياسية على حساب دماء الأبرياء، يثبت الأردن مرةً تلو أخرى أنه لا يزايد ولا يتاجر بالإنسانية. ومع ذلك، يواجه الأردن ناكري الجميل الذين يتقنون فن التشكيك وتزييف الحقائق، متناسين أن الأرقام لا تكذب وأن التاريخ لن يرحم.
الأردن، بقيادته الهاشمية العظيمة، المتمثلة بحضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وسمو ولي العهد الأمير الحسين ابن عبدالله الثاني، حفظهما الله ورعاهما، لم ينتظر يومًا الإشادة أو المدح. فمنذ اندلاع الحرب على غزة، تحوّلت توجيهات الملك إلى أفعال حقيقية على الأرض: أرقامٌ ومبادراتٌ تشهد على دورٍ لا يقبل المزايدة.
أرقام تفضح المشككين
* 521,066 حالة مرضية تم علاجها في المستشفيات الميدانية الأردنية.
* 21,147 عملية جراحية أُجريت.
* 125 عملية إنزال جوي، و266 عملية إنزال بالتعاون مع دول شقيقة وصديقة.
* 53 طائرة مساعدات عبر مطار العريش، و5,063 شاحنة محملة بأكثر من 74 ألف طن من المساعدات الإنسانية.
هذه الجهود لم تكن مجرد رد فعل، بل كانت امتدادًا لنهجٍ هاشمي متجذر، قاده جلالة الملك عبدالله الثاني بروح القائد والإنسان، وسانده سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني الذي شارك في الإغاثة، مؤكدًا أن دعم القضية الفلسطينية ليس شعارًا بل عقيدة إنسانية.
حضور لا يقبل التأويل
* 267 طرفًا اصطناعيًا تم تركيبه للمصابين، ومستشفى ميداني متخصص للنساء والتوليد قيد الإعداد.
* معالجة 55,722 مصابًا في ظروف قاسية، وإنقاذ أرواح كانت على شفا الموت.
* تنفيذ عمليات إنزال جوي عاجلة لتوفير المواد الطبية في أصعب الظروف.
الأردن بين الفعل والإنكار
ورغم كل هذا العطاء، يخرج علينا من ينكرون الجميل ويزايدون على حساب الأرواح. هؤلاء الذين لا يتقنون سوى الشعارات الفارغة والتشكيك المستمر. ولكن، هل تكفي أصواتهم لتغطية الحقائق الصارخة؟
جلالة الملك عبدالله الثاني عبّر بكل وضوح عن موقف الأردن الثابت من خلال منشوره على منصة “إكس”:
“نرحب بإعلان وقف إطلاق النار في غزة وندعو العالم لمضاعفة الجهود للتخفيف من المأساة التي خلفتها الحرب بتعزيز الاستجابة الإنسانية. نقدر دور مصر وقطر والولايات المتحدة ونؤكد ضرورة استدامة وقف إطلاق النار. الأردن مستمر بالوقوف مع الأهل في فلسطين وإدامة المساعدات والعمل لتحقيق السلام.”
هذه الكلمات تلخص مواقف الأردن ببلاغة تتحدى المزايدات، وتجعل كل من يشكك مجرد شاهد على سقوطه الأخلاقي.
نداءٌ للمنصفين
الأردن لم ولن يتغير. مواقفه الراسخة ليست بحاجة إلى شهادة من ناكري الجميل. إن إنكار المعروف في مثل هذه الظروف ليس فقط سقوطًا أخلاقيًا، بل وصمة عار في حق الإنسانية.
على من يزايدون أن يسألوا أنفسهم:
* ماذا قدموا غير الشعارات؟
* هل أطعموا جائعًا أو عالجوا جريحًا؟
الأردن، بقيادته الهاشمية وشعبه الواعي، سيبقى النموذج الأسمى للالتزام بقضايا الأمة، مهما علا ضجيج المشككين.
دور الأردن السياسي والدبلوماسي
فعلى الصعيد السياسي، حرص الأردن على تشكيل غطاء سياسي للمقاومة الفلسطينية، وعمل على تنفيذ جملة سياسية بين فيها خطوط المسارات المتمثلة بوقف إدارة الأزمة الفلسطينية والعمل على حلها، كما حدد فيها الخطوط الحمراء التي لا يجوز تجاوزها سياسيًا في مسألة التهجير. عمل الأردن على تغيير الصورة الانطباعية التي روجتها الرواية الإسرائيلية عندما صورت المقاومة الفلسطينية بالإرهاب المعتدي على السيادة الإسرائيلية، حيث استطاع من خلالها حيازة تعاطف أمريكي وأوروبي لصالح القضية الفلسطينية.
هذا جعل الملك والدبلوماسية الأردنية تسعى لتغيير الصورة الانطباعية للرواية الإسرائيلية ودحضها عبر زيارات مكوكية ولقاءات ثنائية جاب خلالها بعض الأقطار العربية والأوروبية، لتحقيق نجاحات كبيرة في توضيح موقف المقاومة الفلسطينية.
كما عمل الملك والدبلوماسية الأردنية لتشكيل علاقة عضوية مع الرئيس المصري وقيادته ضد عمليات التهجير، وأيضًا لإيجاد منظومة عمل رادعة للتهجير باعتبارها وسيلة تصفية للقضية الفلسطينية، وكذلك وسيلة تقسيم ذات بعد استراتيجي يجب مجابهتها بكل الوسائل.
لطالما حذر جلالة الملك عبدالله الثاني منذ سنوات طوال ومن على كل المنابر الدولية، من أن تبعات الظلم وانعدام العدالة الواقعية على الشعب الفلسطيني سيفجر الأوضاع في أي لحظة، فكانت النتيجة كما توقعها جلالته. وعندما تفجرت المظلومية الفلسطينية في 7 أكتوبر، عاد جلالته ليطالب القوى العالمية بوقف المجازر بحق الفلسطينيين، محذرًا من أن عدم وقف القتال سيؤدي إلى انفجار المنطقة بالكامل.
الخطاب الملكي في قمة القاهرة للسلام
تضمن خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني في قمة السلام في القاهرة مضامين تعكس الغضب والرفض الشديد للتوحش الإسرائيلي بحق الأشقاء الفلسطينيين. كما أكد أن تجاهل الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية سيؤدي إلى استمرار دوامة العنف.
وقد حذر جلالته من أن تطبيق القانون الدولي بانتقائية وتجاهل حقوق الإنسان سيتسبب في نتائج كارثية. وأضاف في زيارته لصرح كيغالي التذكاري، أن ما حدث في غزة لا يمكن أن يتحقق إلا عبر تحقيق السلام العادل على أساس حل الدولتين.
جهود الأردن في الميدان
في ميدان التضامن، سجلت الملكة رانيا العبدالله حضورًا بارزًا من خلال لقاءات متلفزة وشبكات تواصل، للمطالبة بوقف الاعتداءات على الفلسطينيين. كما أشرف سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني على تجهيز وتشغيل المستشفى الميداني الأردني الثاني في قطاع غزة، والذي يقدم العلاج على مدار الساعة.
أميرتنا الهاشمية سلمى كانت أيضًا رمزًا قويًا في هذا التضامن، حيث شاركت في الإنزال الجوي إلى غزة، مما جعل هذه اللحظات تجسد التضامن الهاشمي بين الأردن وفلسطين.
خاتمة
إنكار معروف الأردن ليس مجرد خطأ أو نكران للجميل، بل هو خيانة للإنسانية بأسرها. لذا، ندعو الجميع لمراجعة مواقفهم بعقلانية وإنصاف، لأن الأرواح التي تُزهق ليست مجالًا للمزايدة، وإنكار الجميل في مثل هذه الظروف ليس فقط سقوطًا أخلاقيًا، بل وصمة عار في حق الإنسانية.
مدار الساعة ـ