عندما تولى الدكتور جعفر حسان رئاسة الحكومة، استبشرنا خيرا، فقد أطل علينا بوجه بشوش وعزم واضح على العمل، نزل إلى الشارع وشعر المواطنون بقربه منهم.
ارتحنا لطلّة الرئيس وتصريحاته المتفائلة وعلقنا آمالا كبيرة عليه. ومنذ استلامه زمام الأمور، بات السؤال الأهم الذي يطرحه المواطنون هو: أين أثر ذلك العمل على حياتنا اليومية؟
لقد ارتفعت الأسعار بشكل كبير ومؤثر، وشملت كل شيء من فواتير المياه والكهرباء إلى أسعار السلع الأساسية والدواجن، وحتى السيارات الكهربائية وقطاع الاتصالات.
المواطن البسيط يعاني، في حين تفتح أبواب الرواتب الضخمة لكبار المسؤولين بلا أي مبرر مقنع، في الوقت الذي تجاهلت الحكومة التوصية النيابية في تقرير اللجنة المالية حيال الموازنة العامة بزيادة رواتب الموظفين في القطاع الخاص.
وحتى قرار رفع الحد الأدنى للأجور من 260 إلى 290 دينارا، التهم رفع الأسعار هذه الزيادة التي لم يكد ينعم بها ذوو الدخل المحدود، علما بأن الدراسات والمعايير الدولية جميعا تؤكد أن الحد الأدنى يجب أن يكون بحدود 345 – 400 دينارا حتى يستطيع ذوو الدخول المتدنية العيش بكرامة.
وما زلنا نسمع عن تقارير ديوان المحاسبة التي تكشف عن مخالفات وهدر في المال العام، لكن لم نرَ أو نسمع عن محاسبة اتخذت ضد المخالفين. لم يعلن عن محاسبة أي شخص، ولم تُعرف نتائج التحقيقات أو الإجراءات التصحيحية المطلوبة. هذا الصمت يثير تساؤلات حول الجدية في محاربة الفساد.
بل إن ما نراه هو أنه تمنح مناصب ورواتب خيالية لبعض الأشخاص في الوزارات والشركات العامة، بينما ينتظر المواطن زيادة على راتبه الذي لا يكفي حتى لتغطية الفروقات الناجمة عن التضخم.
نسمع عن تعيينات هنا وهناك، وكأنها صفقات تدار بعيدا عن الكفاءة والعدالة.
تفتتح مشاريع وتوقع اتفاقيات، وبخاصة في قطاعي الطاقة والتعدين، لكن المواطن لا يرى أثرها المباشر على حياته.
يبقى السؤال: أين نحن من هذه المشاريع؟ كيف تترجم هذه الاتفاقيات إلى فرص عمل وخدمات تحسن من مستوى المعيشة؟
جلالة الملك أوصى في الرؤية الملكية بأن يجري التركيز على تحقيق العدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد وتحسين مستوى المعيشة وضمان الشفافية. لكن الواقع يقول إن هذه الرؤية لم تجد طريقها إلى التنفيذ بالشكل الكافي الذي يلمسه المواطنون.
لا يمكن تجاهل صوت المواطن الذي أصبح محاصرا بين وعود لا تتحقق وأعباء تزداد يوما بعد يوم. الرؤية الملكية ليست مجرد شعار يُرفع، بل هي مسار واضح يجب أن يتبعه الجميع لتحقيق حياة أفضل للجميع، وليس فقط لفئة معينة.
ننتظر من الحكومة خطوات جادة وملموسة تعيد للمواطن ثقته، وتترجم الرؤية الملكية إلى واقع يشعر به الجميع ويؤثر إيجاباً، فهل من مستجيب؟