أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات وظائف للأردنيين أحزاب رياضة مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الجنيدي يكتب: انعكاساتُ مشاريع الدولة للتحديث في جامعة اليرموك (تجربة خاصّة)


د. سيف الجنيدي

الجنيدي يكتب: انعكاساتُ مشاريع الدولة للتحديث في جامعة اليرموك (تجربة خاصّة)

مدار الساعة (الرأي ) ـ
الأردن الوطن لديه اليوم مشروع دولة بنيويّ، خطّته أيادي نساء ورجال هذا الوطن بعزيمةٍ ورؤيةٍ، وتحت رعايةٍ ملكيّةٍ خاصّة، وبعين من اختبر واقع القطاع العام لمدة عشرة أعوام، ترقّبت بمتابعةٍ دوريّةٍ استجابة جامعة اليرموك لمشاريع الدولة للتحديث، وآثرت على توثيق خلاصة مشاهداتي، تعميماً للفائدة، فمشروع الدولة بحاجةٍ لتحصينٍ نفسيّ للفاعلين وبُناة الغد من الانبعاثات السلبيّة المناهضة لأيّ تغيير.
اليرموك اليوم تتخطى الإطار التقليديّ لدور المؤسسة الأكاديميّة، لتُؤسس حالةً تستحق التّأمل. فاليرموك بحلّتها اليوم حاضنة لعناصر مختلطة، ومشتبكة مع قضايا الوطن، ومستمرة في تعزيز مكانتها العلميّة بالوقت ذاته، لتؤسس مرحلةً وعنواناً في سياق مسيرة الوطن.
على صعيد التفاعل مع قضايا الشأن العام، تفاعلت اليرموك الجامعة مع مسار التحديث السياسيّ عبر رؤية واضحة لما يحتاجه الوطن، وساهمت في تحفيز طلبتها على الانخراط بمشروع الدولة السياسيّ، لتُبدّد مخاوف الجيل من الانخراط بالعمل الحزبيّ في معالجةٍ نفسيّةٍ وسلوكيّةٍ من طبيبٍ ماهر.
وقبل كل هذا كانت اليرموك أنموجاً اختباريّاً لحُسن إدارة العملية الانتخابيّة لانتخابات مجلس اتحاد الطلبة وشفافيتها، حيث كنت وقتها وعن قُربٍ شاهد عيان ضمن فريق المراقبة المُشكّل من إحدى الهيئات الرقابيّة الوطنيّة لمراقبة جميع مراحل هذه العملية الانتخابيّة.
أمّا العدوان على قطاع غزة، فكانت خُطى اليرموك متماهيةً مع خطاب الدولة ورؤيتها في التصدي الفكريّ لهذا العدوان، وبلورة الحقيقة المجرّدة أمام الرأي العام. وفي إطار مناصرة القضية العادلة، فللعام الثالث على التوالي أعلنت اليرموك قبل أيامٍ عن منحة «شيرين أبو عاقلة» لدراسة الماجستير في الإعلام، إحياءً للذكرى ودفاعاً عن القضية العادلة.
وعلى صعيد التطوير الإداريّ، بدأت اليرموك مسيرة التحديث القانونيّ التي تهدف إلى تحفيز العمل البحثيّ لأعضاء هيئة التدريس عبر تعديل تعليمات الترقية، وإجراء التعديلات التي من شأنها تحفيز حماس أعضاء الهيئة التدريسيّة للتّشبيك مع المؤسسات الأكاديميّة، إيماناً من الجامعة بأهمية توسيع مساحة العطاء والامتداد الفكريّ لعضو هيئة التدريس. وفي سابقةٍ تستحق التعميم، استحدثت اليرموك نموذج التقييم الذاتي لأعضاء الهيئة التدريسيّة، كخطوةٍ نحو التحفيز على المراجعة والمسآءلة الذاتية.
وربّما الأكثر أهميةً من ناحيةٍ إداريّة، هو أنّني التحقت بالعمل الأكاديميّ في جامعة اليرموك بتاريخ 29-9-2024، وخلال هذه الفترة الوجيزة التقيت برفقة زميلاتي وزملائي بالأستاذ رئيس الجامعة ونوابه في ثلاثة اجتماعات عمل مركّزة، كان إحداها لمدة ثلاث ساعات مع رئيس الجامعة، وكانت أجواء هذه اللقاءات تتسم بالانفتاح والسعي لتلاقي الأفكار.
أمّا على صعيد التصنيفات العالميّة التي جاءت انعكاساً للجهود اليوميّة، فقد أدرجت جامعة اليرموك للمرة الأولى ضمن أفضل (1000) جامعة عالميًا حسب تصنيف QS لعام 2025، وفي المرتبة (42) عربيًا. كما تصدرت الجامعات الأردنية بالمرتبة الرابعة عربيًا في تصنيف «أرسيف.
كما كانت الجامعة الأسبق بتقديم تعليم يواكب حاجات سوق العمل والمعايير العالمية من خلال تبنّي سياسات الذكاء الاصطناعيّ في البحث العلميّ، وإدماج مساقات حول تطبيقات الذكاء الاصطناعيّ في الخطط الدراسيّة، وإدخال مفهوم حزم اللغات لمرحلة البكالوريوس، وإنشاء مستشفى التعليم عن طريق المحاكاة، حيث تُوّجت هذه الجهود بحصول الجامعة على اعتماد عالميّ لـ(14) برنامجًا أكاديميًا.
وفي إطار تحقيق الرؤية الاقتصاديّة، فقد أطلقت اليرموك بتاريخ 8-1-2025 حاضنة تجديد للتكنولوجيا والابتكار التي توفّر بيئة فرصة رائدة لتعزيز المهارات، كركيزةً أساسية لتحقيق التنمية المستدامة ومواكبة التغيرات المتسارعة في سوق العمل.
كما لم يغب المجتمع المحليّ وتنميته عن نشاطات الجامعة، التي آمنت بأنّ خدمة المجتمع من مهامها وغاياتها ورسالتها، فتجد اليرموك تعقد اللقاءات المتنوّعة، وتُنظّم الأيام الصحيّة التوعوية، وتنشئ فرق الاستدامة الطلابيّة، وتبرم مذكرات التفاهم، وتكّرم المفكرّات والمفكّرين بمناسبة اليوبيل الفضي.
كما تجد اليرموك اليوم ذات نهجٍ إعلاميّ يفي بحقّ الأفراد في المعرفة، والتي كان آخرها إطلاق نشرتها الالكترونيّة «حصاد» باللغة الإنجليزيّة، بالإضافة إلى فعالية منصاتها الالكترونيّة.
إنّ صون منجزات الوطن والبناء عليها يتطلّب القول بأنّه لا يجوز اختزال المشهد في مؤسسات الدولة بآراء تخلو من الحقائق، وأنّ محاولة التّنمر على مؤسسات الوطن والقائمين على إدارتها ليس حقّاً مشروعاً، بل هو خرق قانونيّ، وجحودٌ بنعمةِ الأردن، ولن يَنال به محتكري المعرفة سوى تعميق الفردانية، فكأن لسان حالهم يقول:"إمّا هُم، أو محاولة بث الفوضى السمعيّة!».
مدار الساعة (الرأي ) ـ