يمكن تسميتها «اجراءات» وليست «انجازات» تلك التي أعلنت الحكومة عن تحقيق 62.5 % منها أخيرا، ومن يروج هذه الإجراءات على أنها «إنجازات» فذلك صادم للمواطن الذي كان ينتظر إنجازات حقيقية لا يختلف على تسميتها أحد، كأن تخفض أرقام البطالة مثلا أو ترتفع أرقام النمو أو يتم علاج واقع المستشفيات الحكومية المؤلم.
ندرك تماما أن حجم العبء على حكومة الرزاز كبير، ولدي قناعة تامة بصدق نواياه ورغبته بالعمل الجاد، لكن كان عليه أن لا يسمح بأن تروج الماكينة الإعلامية ما يقوم به من جهد حتى الآن على أنه «إنجازات»، والأخطر بأن يتم ترويجها على أنها جزء من «الإنجازات» التي ستكتمل بمرور مئة يوم من عمر الحكومة، وبالتالي ستصل نسبة «الإنجازات» الحكومية الى 100 %.
ما أعلنت عنه حكومة الدكتور عمر الرزاز من إجراءات خلال مداولاتها على الثقة النيابية وتحديدا الـ»16» بندا الشهيرة، يمكن ادراجها تحت عنوان «تصويب» قرارات حكومية سابقة شكلت ظلما جليا بحق المواطن والاقتصاد الوطني عموما مثل قرار مرضى السرطان، وضريبة سيارات الهايبرد، وضريبة المنتجات الزراعية وغيرها، وتصويب هذه الأخطاء لا يعني «إنجازا» كما يعلم الجميع.
أعتقد أن ترويج «إنجازات» حكومة الرزاز على أنها مرتبطة فقط في ال»16» بندا، من شأنه ان يشوش على موقف الرأي العام من الحكومة، يجب على الرئيس الرزاز أن يحذر منه، وسيكون أخطر لو اعتمدت دراسات الرأي المقبلة بمناسبة مرور 100 يوم من عمر الحكومة، تلك البنود كمؤشر لقياس مدى الرضى الشعبي عن أداء حكومة الرزاز.
لو دخلنا الى أي معجم لغوي لوجدت تعريفا واضحا ومحددا لكلمة «إنجاز»، ليس من ضمنها نهائيا العمل الروتيني والطبيعي لأي شخص أو مؤسسة أو حكومة، فالإنجازات لدى الحكومات وتحديدا في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، تقاس بمدى التحسن في مكافحة الفساد والفاسدين، تحسين مستوى دخل المواطن، تخفيض عجز الموازنة، تراجع أرقام المديونية، تشغيل الشباب، وتحسين البنية التحتية، اشاعة أجواء العدالة في التوظيف والقضاء على المحسوبيات، وقف التعيينات دون الاستناد الى أي معيار كفاءة ومكافحة الفقر، مع أهمية كل ما يقوم به الدكتور الرزاز من تواصل شخصي والكتروني مع المواطن.
وفق «الحسبة» الحكومية لا يزال هناك 37.5 % من «الإنجازات» لم يتم تحقيقها، لكنها كما تقول الحكومة، أنها في طور التحقيق قبل «الاحتفال» بمرور 100 يوم على تشكيلها، وأتمنى خلال هذه الفترة أن تغض الحكومة النظر عن كلمة «إنجازات» حتى تقدم نفسها بشكل واقعي ومنطقي للجمهور، فما اتخذته من قرارات وستتخذه ضمن خطتها «الستة عشرية» جيد لكنه لن يصبح جيدا اذا أصرت على تسميتها «إنجازات».
الرئيس الرزاز يتواصل مع الشارع، وهي حقيقة، لا ننكرها، واعتقد أن ردة الفعل الشعبية واضحة تماما على تحويل العمل الروتيني والقرارات (رغم إيجابيتها) الى «إنجازات»، واذا أصرت الحكومة على تسميتها هذه، فماذا يمكن أن تطلق على قرار ستصدره قريبا باعتماد تشريع جديد لقانون ضريبة الدخل الذي تسبب بخروج الناس الى الشارع وإقالة حكومة هاني الملقي، فهل يمكن تسميته «إنجازا» أيضا؟.
الدستور