أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية الموقف شهادة مناسبات مستثمرون جاهات واعراس مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

‏لهذا.. أعتز بأنني أردني


حسين الرواشدة

‏لهذا.. أعتز بأنني أردني

مدار الساعة (الدستور ) ـ
لا يوجد شيء يطمئنني على سلامة بلدنا، وعلى عافيتنا، كبشر وأردنيين، اكثر من صورة ظالم «تبرطع» في الظلم، ثم انكشف، فصدر بحقه القرار، وفجأة وقع، لا أقصد شخصا بعينه، كما لا يخطر في بالي، أبداً، أن أفتح الذاكرة على أسماء تركت بصماتها السوداء المخجلة في حياة البعض منا، أريد، فقط، أن أقول : إن المصير الذي انتهى إليه هؤلاء الذين استخدموا قوتهم باسم المال أو الوظيفة، أو باسم الفهلوة والشطارة، هو أسوأ عقاب لهم، لقد صَدَفتُ بعضهم ورأيت الانكسار في أعينهم، والسواد على وجوههم، والندم يتغلغل داخلهم؛ عاقبة الظلم وخيمة، ونهاية الذين يستقوون على بلدهم، ويتجبّرون على أهلهم، أبشع مما نتصور.
‏هذه رسالة لكل الذين يجلسون، اليوم، على مقاعد الوظيفة والمسؤولية، ويتحملون أمانة إدارة الشأن العام، والآخرين الذين يقفون على شرفات التنظير السياسي والاقتصادي وتوجيه الرأي العام، ولكل من قادتهم أقدارهم إلى مواقع الخدمة العامة، أرجوكم.. اطردوا كل هاجس يراودكم للتعالي على الآخرين وإلحاق الظلم بهم، لا تتركوا لطغيان المنصب وشهوة التسلط والإحساس بالاستغناء أي فرصة للدخول إلى قلوبكم وقراراتكم، أو لإغرائكم بالوقوع في الغلط وعدم الإنصاف، أو إلحاق الضرر بأرزاق الناس وحقوقهم، وممارسة القهر عليهم.
‏كثيرون مرّوا من هنا، تصوروا للحظة أن المواقع التي وصلوا إليها ستدوم إلى الأبد، حتى أنهم لم يصدقوا اللوحة التي وجدوها معلقة على جدران مكاتبهم (لو دامت لغيرك ما وصلت إليك)، أخذتهم عزة الوظيفة وهيلمانها فارتكبوا أبشع الآثام، كثيرون، أيضا، مروا من هنا، ترسخت بداخلهم قناعة خدمة الناس، الكراسي دوّارة، ولا يبقى سوى السمعة الطيبة، فانحازوا إلى ضمائرهم وتركوا بصماتهم المشرفة في ذاكرتنا، شتان بين هؤلاء وأولئك، وحدها دفاتر التاريخ ورواياته تُذكّرنا بمن ما زال يحظى باحترام الأردنيين وتقديرهم واعتزازهم، حتى لو رحل إلى الدار الآخرة، وبمن تطارده لعناتهم ودعواتهم (أقلها لا سامحه الله).
بقية مقال‏حسين الرواشدة
‏لهذا.. أعتز بأنني أردني
‏أجمل ما في بلدنا، وربما يكون «سرّ» صموده واستمراره ومنعته هو أن «أساطين» الظلم سرعان ما تنكشف، ثم تتساقط عن كراسيها ومنصاتها، ثم تصبح منبوذة، لا يوجد في تاريخ بلدنا «أصنام» وظيفية تخلدت لجبروتها وفسادها، أو لتسخيرها الوضع القائم الذي كانت فيه لتزيين صورتها، يوجد في بلدنا نماذج ملهمة لرجال ونساء نظيفي اليد واللسان، خرجوا من وظائفهم أعفّة «مديونين»، انحازوا لخدمة أبنائهم الأردنيين بشرف، وضحوا من أجل مبادئهم، ومن أجل أن يكون الأردن عزيزا قويا، هؤلاء، فقط، عرفوا مفتاح شخصية الأردني وهو «الكرامة «، فبّروا بحفظها من أن يمسها أحد بسوء.
‏نعم أعتز بأنني أردني، وأعتز أكثر حين أرى من تجبروا على الأردنيين، بحكم مواقعهم أو وظائفهم، مطرودين بصمت، وبدون أن يسمعوا كلمة «شكرا» من أحد، وأعتز أكثر وأكثر حين أرى الذين عاثوا بيننا فسادا «وعنطزوا» علينا باسم الوطنية، أو شيطنونا باسم المصلحة العامة، يقفون في القفص، لينالوا نصيبهم من المحاسبة والعقاب.
هذا البلد بناه المخلصون من أبنائه الذين التفوا حول قيادتهم الهاشمية، وجيشهم الباسل، وقضائهم العادل، لم يسجل الطارئون الذين نزلوا بالبرشوت عليه، في غفلة منا، أي حرف في دفاتره المشرقة بالعدل والإنجاز واحترام الذات الأردنية، هؤلاء على الرغم مما فعلوا، لم يتركوا في ذاكرة الأردنيين، بعدما انصرفوا، إلا صورة واحدة، وهي الأردن، واسع الصدر، سليل الحكمة والعفو، لا يرضى بالظلم، ولا يجهر بالسوء، ولا ينطق إلا بالخير والحق، وينصر المظلومين حتى ولو بعد حين.
مدار الساعة (الدستور ) ـ