أخبار الأردن اقتصاديات خليجيات دوليات مغاربيات برلمانيات جامعات وفيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العتوم يكتب: خريطة إسرائيل أم مؤامراتها ؟


د. حسام العتوم

العتوم يكتب: خريطة إسرائيل أم مؤامراتها ؟

مدار الساعة ـ
بثت إسرائيل عبر شبكات التواصل الاجتماعي و مواقعها الرسمية خارطة جديدة حديثا بتاريخ 8/01 / 2025 و ربما قبل ذلك ، تستشرف مستقبلها الماكر ،و العدواني ، والاستيطاني ، والاحتلالي ،وهي ليست المحاولة الناخرة الأولى عبر تاريخها المقيت و المزري في منطقتنا العربية و الشرق أوسطية ، فلقد سبقها محاولة مشابهة لبنيامين نتياهو في الأمم المتحدة عبر خارطتي (اللعنة – الإيرانية ،و النعمة الإسرائلية ) حسب تعبيره بتاريخ 27 / 09 / 2024 . ومخططات إسرائيل تجاه صناعة ( إسرائيل الكبرى ) ماضية منذ زمن سحيق عبر اقتناص الفرص وسط الأزمات و الحروب التي تفتعلها بنفسها ، و بجهد أجهزة اللوجستيا لديها و في الغرب و خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية .
و تصريح وزير التراث الحالي في حكومة نتنياهو – عميحاي إلياهو – بجاهزية إسرائيل قصف غزة بالسلاح النووي بداية حرب غزة بتاريخ 5 نوفمبر / 2023 ، وكردة فعل على السابع من أكتوبر، الحدث الباسل حسب تصنيف المقاومة و الشعوب العربية ، و المنتقد من قبل النظام العالمي رغم أحقية مقاومة الاحتلال التي نص عليها القانون الدولي ،و حقوق الإنسان ( المادة الثانية ، 26 / أغسطس / اب 1789 ) ، و حرب الإبادة التي ارتكبتها النازية الإسرائيلية بعد أكتوبر و تسببت في استشهاد أكثر من 46 الف فلسطيني و لبناني جلهم من الأطفال و عن قصد و اصرار مسبق لكي لا يصبحوا فدائيين في المستقبل ، و نساء ، و رجال ، و شيوخ ،ومقاتلين .
و سقوط بضعة الاف إسرائيلي في المقابل و معظمهم من العسكريين ،واجتياح إسرائيل لجبل الشيخ في سوريا و في لبنان ، و القنيطرة الجولانية السورية بعد سقوط نظام بشار الأسد في دمشق بتاريخ 8 ديسيمبر 2024 ، كلها دلالات تصب في خريطة إسرائيل الجديدة الماضية إلى سراب بعون الله ،و بإيمان العرب بوحدتهم الحقيقية التي ناداهم إليها ملك العرب و شريفهم الحسين بن علي طيب الله ثراه عام 1916 .و تحطيم تمثال نتنياهو في مكسيكو- سيتي،و رشق منزله في تل -أبيب بالمسيرات مؤشر على رفض العرب لسياساته ونهجه السلبي .ومن عجائب الدنيا السبع أن فرض مجلس النواب الأمريكي عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية على إصدارها مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو رئيس الوزراء و جالانت وزير الدفاع في إسرائيل بعد جريمتهما المشتركة في قطاع غزة و لبنان .
كيف ظهرت إسرائيل ؟ و ألى أين هي ماضية في مشاريعها التوسعية ، و الاستيطانية ، و العدوانية ؟ نعرف ، بأن شرارة ميلادها انبثقت من وسط مؤتمر بازل في سويسرا عام 1879 ،و عبر احتيال يهودها و صهاينتها ، و عصاباتها الأرهابية ( الهاجاناة ، و شتيرن ، و الأرغون ) على الأمم المتحدة و اصدار القرار 180 القاضي وقتها بتقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية – إسرائيلية ، و إلى دولة عربية ، ومع كل الجهود السياسية و الدبلوماسية عبر كامب – ديفيد 1978، و مدريد 1991 ، وواي ريفير 1996/1998 ،و أوسلو 1993 ، و غيرها ، خرجت إسرائيل عن مفهوم و مصطلح الدولة التي حددتها لها الأمم المتحدة عبر الاعتراف بها بتاريخ 14 / مايو / 1948 بتصويت 165 دولة من أصل 193 دولة ،و اعتراض جامعة الدول العربية على قرار التقسيم ، ومضي إسرائيل تجاه حرب عام 1948 لتثبيت أقدامها الأولى على طريق التوسع المنشود لديها ومن خلال ضغوطات أحزابها المتطرفة ، أو تلك التي تدعي الاعتدال مثل ( الليكود ، و أزرق أبيض ،و يهودية التوراة المتحدة ، و حداش ، و العمال ، و إسرائيل بيتنا ، و ميرتس ، و كولانو ، و البيت اليهودي ) ، فأصبحنا نشاهد إسرائيل في غزة و الضفة الغربية ،و الحدود اللبنانية ، و الجولان – الهضبة العربية السورية ، و تقصف اليمن ، و تتحرش بمصر و الأردن من خلال مشاريعها التهجيرية ، و تعبث بالعراق ، و السودان ، و هلم جرا . و سبق لإسرائيل أن غزت جنوب لبنان ، و سيناء ، و حتى غزة ، و الباقورة و الغمر ، و في حربي الكرامة 1968 و تشرين 1973 ، و هزمت من هناك ، و خرجت منها مهرولة قبل شروق الشمس .
قوة إسرائيل من قوة إلتفاف العرب حولها عبر معاهدات السلام ، و بحكم تحالفها مع الغرب و مع حلف " الناتو " بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية تحديدا ، و إذا ما رغب العرب أن يزدادو قوة عليهم أن يلتفوا حول وحدتهم ، بعاصمة واحدة ، و علم واحد ، و جيش واحد ، و اقتصاد واحد ، و عملة واحدة ، ووسيطرة أمنية واحدة ، و لقد ثبت لنا بأن إسرائيل لا تحترم معاهدات السلام مع العرب ،و نراها تشن الحروب على المقاومة العربية و بكافة صنوفها ، و لا تنتظر عقد سلام مع الدول التي تمثلها و تحتضنها.
و بالمنظور البعيد ، فإن إسرائيل لا تهدف لمصلحة مشتركة مع العرب و لصالحها و صالحهم ، بل ترسم للوصول لمرحلة أمنها الاستعماري وعلى حساب العرب أصحاب القضايا العادلة و في مقدمتها الفلسطينية ، لذلك نلاحظها تماطل في مغادرتها للأراضي العربية المحتلة عام 1967 . و خريطة إسرائيل الجديدة المبتكرة بغباء لا تمثل إلا كيانها الذي لم يعد يظهر على شكل دولة معترف بها في الأمم المتحدة . و الأردن هو الأردن ، وهو وطن شامخ و جذوره راسخة في عمق التاريخ الكنعاني ،و الحجري قبل ذلك منذ أكثر من نصف مليون سنة قبل الميلاد ، و كذلك فلسطين ، و سوريا ،و لبنان .
المشهد الذي يروق لإسرائيل لكي تتمادى في رسم خرائطها الاستعمارية ، هو الانتشار أفقا عبرأكثر من 22 دولة عربية ،و غياب المظلة الوحدوية العامودية ، ولا يرعب إسرائيل غير وحدة العرب و توجههم المستقبلي لامتلاك سلاح غير تقليدي موحد على غرار كبريات دول العالم مثل روسيا الاتحادية العظمى ، و الولايات المتحدة العظمى و دول ( الناتو) الأوروبية ، و النادي النووي ، ومنها الصين .و إسرائيل التي هاجرت تجاه منطقتنا العربية و الشرق أوسطية بعد مرور يهودها من هنا 80 عاما ، قلقة على مستقبلها ، و تستظل بنظام احادية القطب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية غير العادل ، و المانع للرباعية الدولية من قيادة السلام العربي – الإسرائيلي و بالعكس لصالح الاستقرار والتنمية الشاملة في المنطقة و العالم .
و سبق للزعيم السوفيتي جوزيف ستالين عام 1950 أن اقترح توجيه اليهود لبناء إسرائيلهم في القرم على ضفاف البحر الأسود ، أو في سخالين على حدود اليابان . ومادامت إسرائيل تمتلك لوحدها في الشرق الأوسط السلاح النووي و تمنعه عن العرب و ايران ، ستبقى متمردة ،و تمارس العربدة ،و ترفض الحوار مع جيرانها العرب .
وفي الختام هنا أشير إلى أن قضية العرب مع إسرائيل أكبر من رهائن حرب غزة الواجب الأفراج عنهم لأسباب إنسانية ،و قضية إسرائيل مع العرب لن ترتقي لمستوى السلام مالم تفرج عن أسرى فلسطين في سجونها وتعدادهم يفوق العشرة الاف أسير ، و سجن صيدنايا السوري بعد سقوط نظام الأسد فيه عبرة لإسرائيل أيضا التي أصبحت مهددة بالسقوط أيضا ، و الزمن دوار كما يقول العرب .
مدار الساعة ـ