ما حدث في سوريا بسقوط نظام بشار الأسد وتسلم فصائل المعارضة القيادة وزمام الامور فيها، جعل منها محجا دوليا ومحط أنظار العالم بعد قطيعة وعزلة تجاوزت العشر سنوات، ستدفع دول العالم للانشغال بها خلال السنوات القادمة بحثا عن مصالحها وسعيا لايجاد موطئ قدم فيها، وتصفية لحساباتها، الامر الذي سيخدم الأردن ويجنبه كثيراً من التحديات في المرحلة القادمة.
وايضا هناك العديد من الملفات على الطاولة الأمريكية بعهد الرئيس الجديد دونالد ترامب تحتاج إلى ترتيب واتخاذ قرارات حاسمة إزاء بعضها خاصة تعزيز النفوذ الامريكي في سوريا وتقليص الدور الروسي بهدف محاصرة ايران واضعافها وفرض شروط جديدة تتعلق بملفها النووي وكذلك تضييق الخناق على حزب الله ومنع وصول اي أسلحة له من ايران.
كما ان ملف قوات سوريا الديمقراطية «قسد» يحتاج الى ترتيب وتوافق أمريكي تركي حول مستقبله ومصير اسلحته وآلية التعامل معه، بظل التعنت التركي اللاعب الرئيس بسوريا باعتباره منظمة إرهابية.
ان ملف التطبيع والسير فيه يعتبر من أولويات الرئيس الامريكي الجديد الذي سيسعى إلى إنهاء هذا الملف الذي بدأه في فترته السابقة باعتباره هدية لدولة الاحتلال الإسرائيلي ومفتاح الاستقرار بالشرق الأوسط وتصفية للقضية «من وجهة نظر الامريكان والاحتلال» ، الا ان قواعد اللعبة تغيرت و ان المملكة العربية السعودية لن تقدم على هذه الخطوة مجانا ودون مقابل خاصة على صعيد القضية الفلسطينية حيث أشارت أكثر من مرة بانها لن تقدم على هذه الخطوة قبل وقف العدوان وحل للقضية الفلسطينية مما يحول دون فتح معارك او جبهات إسرائيلية جديدة سواء مع الأردن او غيره.
وسينشغل العالم بإعادة اعمار غزة التي تشارف الحرب عليها على الانتهاء وكذلك حسم موضوع ادارتها واليوم التالي للحرب الامر الذي يتطلب اعادة ترتيب اوضاع السلطة الفلسطينية.
ان خوض إسرائيل حرب استنزاف طويلة لم تعتد عليها مع حماس وفصائل المقاومة و حزب الله منذ احتلالها للأراضي الفلسطينية جعل منها دولة منهكة اقتصاديا ومفككة اجتماعيا يعاني جيشها من نفسية انهزامية من الداخل يحتاج الى سنوات لترميمها.
ولا ننسى ايضا الملف السياسي في الداخل وما ينتظر الحكومة والجيش من تحقيقات حول فشله في 7 اكتوبر واخفاق الحكومة في تحقيق الأهداف التي أعلنت عنها في بداية الحرب وكذلك مستقبل حكومة نتن ياهو وموقف الداخل الإسرائيلي منها جعل منها دولة غارقة في مشاكلها ولملمة جراحها.
وهناك ملف لا يقل أهمية عما سبق يتعلق بسمعة دولة الاحتلال دوليا حيث اصبحت بنظر الكثيرين مارقة وخارجية عن القانون وتلاحق جنودها قضايا تتعلق بجرائم حرب، وكذلك رئيس حكومتها وبعض أركان جيشها مطلوبين للمحكمة الدولية بذات التهم.
هذه القضايا ستمنع دولة الاحتلال كما سيمنعها العالم من مجرد التفكير باي خطوة عدائية ضد الأردن القادر بنفس الوقت على حماية نفسه وصد اي عدوان عليه.
وبنفس الوقت فان سمعته الدولية وما يمتلكه من أوراق في المنطقة وسوريا سابقا في تحمل أعباء اللاجئين ولاحقا يتعلق بترتيب الوضع السوري تمنع اي تفكير لتصفية اي قضية على حسابه بغض النظر عن اية خرائط او ما يفكر به بعض المتطرفين.