مدار الساعة - كتب: ايهاب عيد وصدام ابو عزام - نُشر بحث يتناول تطور تشريعات الصيد في الأردن وتأثيرها على أنواع الثدييات، حيث استند البحث إلى مراجعة 37 وثيقة قانونية مرتبطة بالصيد، بالإضافة إلى نسخ الدستور الأردني التي شملت القانون الأساسي لعام 1928 ودستور عام 1946 ودستور عام 1952. حدد البحث ثلاث فترات رئيسية لتطور تشريعات الصيد في الأردن، بدأت بالحقبة العثمانية التي امتدت من عام 1881 حتى عام 1931. شهدت هذه المرحلة إصدار قانون الصيد العثماني عام 1881، الذي تميز باستخدام أساليب صيد تقليدية وفرض تنظيم محدود مثل فرض غرامات على الإضرار بأعشاش الطيور. مع تأسيس إمارة شرق الأردن، دخلت البلاد في مرحلة جديدة من التشريعات امتدت من عام 1933 حتى عام 1972. تميزت هذه الفترة بإصدار أول قانون صيد في الأردن عام 1933، الذي حظر صيد الأرنب البري خلال مواسم محددة ومنع استخدام أدوات صيد مثل الفخاخ. شهدت هذه المرحلة أيضاً إصدار قوانين في عامي 1934 و1936 تضمنت مرفقات تحظر صيد الفهد الصياد شرق الأردن وتمنع صيد الوعل النوبي والمها العربي، ولكن رغم هذه القوانين استمرت أعداد الأنواع في التدهور. ساهم قانون الصيد لعام 1957 في تفاقم هذا التدهور من خلال السماح بصيد المفترسات دون الحاجة إلى ترخيص، مما أدى إلى انقراض بعض الأنواع، بينما شهد عام 1962 تحولاً مفصلياً بإصدار أمر دفاع حظر جميع أنشطة الصيد ومنع بيع لحوم الحيوانات البرية، سواء نيئة أو مطهية. ومع ذلك، انتهى العمل بهذا الأمر الدفاعي ليُستبدل بقوانين صيد عام 1966 وما بعدها، والتي كررت معظم نصوص القوانين السابقة دون تقديم حماية شاملة للثدييات. استمر هذا النمط حتى إصدار قانون الصيد لعام 1972، الذي فرض غرامات مالية على صيد بعض الأنواع مثل غزال الريم والغزال الجبلي، لكنه لم يُضف تغييرات جذرية إلى التشريعات السابقة.
مع عام 1973، دخلت التشريعات مرحلة جديدة مع دمج قوانين الصيد ضمن قانون الزراعة، مما أدى إلى تقليل فعاليتها في حماية التنوع الحيوي. استمر هذا النهج حتى إصدار قانون الزراعة لعام 2005، الذي اختصر بنود الصيد في بندين فقط، مما قلص بشكل كبير من تأثير التشريعات على حماية الأنواع. وقد شهدت الأنواع الثديية في الأردن تدهوراً ملحوظاً، سواء من حيث أعداد الأنواع أو أعداد الأفراد داخل كل نوع أو اختفاء يعضها، خاصة الأنواع المرتبطة بالصيد مثل الغزلان والوعول والمها والأيائل، بالإضافة إلى المفترسات التي اختفى بعضها تماماً. وفقاً لتقييم القوائم الحمراء، انقرضت ستة أنواع من الثدييات في الأردن، بينما يواجه 39% من الأنواع خطر الانقراض، مع تعرض 73% من الأنواع المفترسة والظلفيات والوبر والأرانب لهذا الخطر. إلى جانب الصيد، فإن هذه الأنواع تواجه مهددات متعددة تشمل تدهور البيئة الناتج عن الرعي، وفقدان الموائل، والتحضر، وتطوير البنية التحتية، وتغير استخدامات الأراضي، والتوسع الزراعي، وإزالة الغابات، وضعف الحوكمة في حماية التنوع الحيوي.
رغم هذا التدهور، لا تزال الفرصة قائمة لعكس هذا الوضع. تمثل رؤية التحديث الاقتصادي في الأردن منصة هامة لمراجعة قوانين الصيد وسن تشريعات شاملة تحت إشراف وزارة البيئة باعتبارها الجهة المختصة بحماية التنوع الحيوي خصوصاً ان رؤية وتوجهات وزارة الزراعة لا تنسجم مع متطلبات حماية الانواع. كما أن إدراج الحقوق البيئية في الدستور الأردني يُعد خطوة أساسية لدعم جهود الحماية، مما يتيح للأردن فرصة لتعزيز استدامة التنوع الحيوي والحفاظ على إرثه الطبيعي للأجيال القادمة.