مع تصاعد الحديث عن دور الشباب في الحياة السياسية والبرلمانية، تتزايد التساؤلات حول جدية تمكينهم ومساهمتهم الفعلية في القضايا الوطنية. ولكن ما يحدث في أروقة البرلمان أحيانًا، كما يظهر في الصورة المتداولة "فنّ الجواكر"، يعكس مشهدًا مؤلمًا يتناقض مع الآمال المعقودة على الشباب كنواة للتغيير والتطوير.
في عمق مناقشة الموازنة العامة، وهي من أهم القضايا التي تمس حياة المواطنين وتحدد مسار الدولة الاقتصادي والاجتماعي، نجد بعض النواب الشباب مشغولين بأمور لا علاقة لها بالعمل البرلماني. هذا المشهد ليس فقط محبطًا، بل يعكس أزمة أعمق في مفهوم التمثيل البرلماني.
الشباب يمثلون نسبة كبيرة من المجتمع الأردني، ومنحهم الفرصة لتمثيل هذا القطاع في البرلمان يحمل وعودًا كبيرة بالتجديد والإصلاح. ولكن التحدي يكمن في تحويل هذا التمثيل إلى أداة حقيقية للتغيير، بدلًا من أن يصبح مجرد واجهة رمزية. هل يمكن أن تكون بعض تصرفات النواب الشباب انعكاسًا لعدم إدراكهم لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم؟ أم أن المشكلة أعمق وتتعلق بمنظومة العمل البرلماني ككل؟
بين الخطابات الرنانة التي لا تمت بصلة إلى القضايا الواقعية، وبين الانشغال بأمور جانبية أثناء مناقشات محورية، تضيع قيمة التمثيل البرلماني. إذا كان بعض النواب، خاصة الشباب منهم، لا يدركون أهمية الملفات التي يناقشونها، فكيف يمكن أن نثق بقدرتهم على إحداث تغيير حقيقي؟
إلى أين نحن ذاهبون؟
الشباب بحاجة إلى تمكين حقيقي، ليس فقط من خلال إشراكهم في البرلمان، ولكن عبر تدريبهم وتأهيلهم لفهم التحديات الوطنية، وتحمل المسؤولية تجاه قضايا المجتمع. فوجودهم في البرلمان ليس غاية بحد ذاته، بل وسيلة لتحقيق تطلعات الشعب الأردني، خاصة الشباب الذين ينتظرون من يمثلهم بصدق وكفاءة.
يبقى السؤال مطروحًا: هل نحن أمام جيل قادر على تحمل أعباء العمل البرلماني؟ أم أن هناك حاجة ملحة لإعادة النظر في آليات اختيار وتأهيل ممثلي الشعب لضمان أن يكون التمكين للشباب مبنيًا على الكفاءة والالتزام، وليسمجردشعارات؟