أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات وفيات برلمانيات جامعات أحزاب رياضة وظائف للأردنيين مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مستثمرون مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

خطّ عمّان دمشق يمر من أنقرة


حسين الرواشدة

خطّ عمّان دمشق يمر من أنقرة

مدار الساعة (الدستور ) ـ
كيف نفكر، أردنيا، بالتعاطي مع سوريا الجديدة؟ الإجابة السريعة: ننفتح ونشتبك مرحليا، ثم نتمهل ونحذر استراتيجياً ؛ هنالك دول عربية ترفض -حتى الآن- التعامل مع الوضع القائم في سوريا ، وهنالك دول عربية أخرى انحازت، تماما ، لما جرى وأصبحت جزءا منه، الأردن يضع نفسه في منطقة (الاكتشاف وتقدير المواقف الحسابات )، يسير خطوة خطوة ، لا يريد أن يتسرع ويغامر، ولا أن يتأخر ويتمنع، سوريا بالنسبة للأردن عمق استراتيجي ، نرتبط بها جغرافيا (حدود 375 كلم) وتاريخيا واقتصاديا ، وكل ما يحدث فيها ينعكس سلبا أو إيجابا على بلدنا.
المشهد في سوريا مازال مُعلقا بانتظار الانتهاء من ثلاث مراحل : الاعتراف الدولي بالنظام السياسي الجديد ، إزالة وصفة الإرهاب التي أدرج على قوائمها ، رفع العقوبات التي فرضت عليه للإنتقال من مربع إدارة التنظيمات المسلحة إلى إدارة الدولة ، سيحتاج ، بالطبع، إلى وقت واختبار سلوك ، لا أحد يتوقع أن التنظيمات العسكرية ستنصهر في جيش وطني بسرعة ، لا أحد يتوقع أن عملية انتقال السلطة ستتم بسلاسة، كما أن عملية بناء سوريا المؤسسات ، ولمّ الشمل الوطني، والتعافي الاجتماعي والاقتصادي ،سيعتمد على قدرة الذات السورية على تجاوز محنة الماضي ،وعلى مدى التدخل الإيجابي العربي والإقليمي والدولي لتقديم المساعدة.
شهدت عمان ،خلال الأسابيع الماضية، جولات من اللقاءات والنقاشات ،مع أطراف عديدة، تناولت الأوضاع في سوريا ، التحرك الأردن ارتكز على توافقات عربية وإقليمية ودولية ، لدى عمان قناعة أن إسقاط حكم الأسد جرى الترتيب له منذ مدة طويلة، أنقرة كانت غرفة عمليات إدارة الحملة العسكرية والسياسية ، وما أنجزته في سوريا أعاد للنظام التركي الحالي ، داخليا وخارجيا ، ما خسره على مدى الأعوام الماضية، أردوغان من خلال وزير الخارجية (هاكان فيدان )ومدير المخابرات (إبراهيم قالن) سجل أهم انتصار في تاريخه السياسي.
حركة الدبلوماسية الأردنية، من خلال زيارة وزير الخارجية ،ورئيس هيئة الأركان، ومدير المخابرات ، إلى تركيا ، جاءت في سياق فتح الملفات السياسية والأمنية المتعلقة بما جرى في سوريا ، تمّ التوافق بين الطرفين على ملف مكافحة الإرهاب وإنجاح عملية الانتقال السياسي ، والتعامل مع التنظيمات المسلحة ، تبادل الخبرات المشتركة بين البلدين في هذه الملفات وغيرها سيصب في مصلحة الطرفين ، وسيفتح الأبواب أمام علاقات أردنية تركية أوسع وأعمق مستقبلا ، كما أنه يساعد في ضبط حركة الفاعلين داخل سوريا ، ويُحجّم تدخلات المتصارعين عليها من الخارج ( أبرزهم اسرائيل).
سوريا الجديدة لم تكشف ، حتى الآن ، عن صورتها ومعادلاتها القادمة ، كما أن الذين يبحثون عن موطيء قدم لمصالحهم وأدوارهم فيها لم يفصحوا عن أهدافهم الحقيقية ، ما فعلته تركيا من خلال الجولاني (أحمد الشرع) تقاطع مع المصالح الإسرائيلية ، تل أبيب أحكمت قبضتها على الجولان ومصادر المياه، ودمرت ترسانة الأسلحة، إيران ما تزال تحلم بإعادة عقارب ساعتها في دمشق إلى الوراء ، حزب الله الذي تم قطع رؤوسه مازال يملك جسدا قويا، التنظيمات المسلحة داخل سوريا ،وهي بالعشرات، لن تتخلى عن أيديولوجياتها وأسلحتها بسهولة، هنالك توقعات بإنتعاش داعش من جديد، وبروز صراعات بين التنظيمات ، وبالتالي فإن حدودنا الشمالية ستبقى قيد التهديد ، فالجنوب السوري يشكل تحديا للأمن الوطني الأردني.
هذه المستجدات ، وغيرها من ارتدادات الزلزال داخل سوريا وفي الإقليم ، تعني أن معادلات الوضع القائم في سوريا ما زالت قيد التشكل ، وأن ما ظهر على المسرح وحركة بعض المشاركين في الأدوار مجرد بروفات مؤقتة، الأكيد ان الشهور القادمة ستحمل مفاجآت وتطورات جديدة، وان حركة اللاعبين في داخل سوريا وخارجها ستكون أوضح وأسرع ، الأردن يدرك ذلك تماما ، ويضع أمامه كافة السيناريوهات المتوقعة ،ولديه ما يلزم من خطة استباقية لمواجهتها والتعامل معها، بالتنسيق مع كافة الأطراف .
مدار الساعة (الدستور ) ـ