أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس مقالات مختارة تبليغات قضائية مناسبات مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

العمرو يكتب: مفهوم الشراكة الحقيقية التي نصبو إليها بين القطاع العام والقطاع الخاص


نضال الثبيتات العمرو

العمرو يكتب: مفهوم الشراكة الحقيقية التي نصبو إليها بين القطاع العام والقطاع الخاص

مدار الساعة ـ
لطالما شكلت العلاقة بين القطاع العام والقطاع الخاص تحدياً محورياً في مسارات التنمية الاقتصادية لأي دولة، هذه العلاقة، التي تتسم أحياناً بالشد والجذب، تتطلب اليوم مفهوماً جديداً يتجاوز التنافس الضار أو السيطرة المطلقة لصالح صيغة شراكة متوازنة تحقق مصلحة الجميع دون المساس بالعدالة الاقتصادية أو المصالح الوطنية.
في جوهر هذه الشراكة، يأتي الفهم الواضح للدور الذي يلعبه كل طرف في تحقيق التنمية، القطاع العام، بمؤسساته وقوانينه، هو الحامي الأول للثروات الوطنية وضامن العدالة الاجتماعية، أما القطاع الخاص، فهو المحرك الديناميكي الذي يقدم الابتكار والمرونة ويساهم في خلق فرص العمل وتحفيز النمو.
لكن، ولأسباب عدة، قد تنزلق العلاقة إلى مسار يهيمن فيه طرف على الآخر، ما يؤدي إلى خلل في النظام الاقتصادي بأسره، فمثلاً عندما يسيطر القطاع الخاص على قطاعات حيوية، كالصحة والتعليم والطاقة، تحت تأثير متنفذين أو رجال أعمال ذوي مصالح ضيقة، فإن النتيجة تكون انحرافاً عن الهدف الأساسي للشراكة، وهو خدمة الصالح العام.
في المقابل، لا ينبغي أن تكون الدولة في موقف المغالبة أو فرض الهيمنة المطلقة على القطاع الخاص، لأن هذا النهج يُضعف روح المبادرة ويُثقل البيئة الاستثمارية بقوانين معقدة وبيروقراطية معرقلة، وتكون النتيجة بيئة اقتصادية تفتقر إلى المرونة والتنافسية، ما ينعكس سلباً على النمو وفرص العمل.
إذاً الشراكة الحقيقية، هي تلك التي تلتزم بمبادئ الشفافية والعدالة، وتعمل على بناء إطار قانوني ومؤسسي يضمن لكل طرف دوره دون تجاوز أو استغلال، فلا ينبغي أن يكون القطاع الخاص شريكاً فقط من أجل الربح، بل عليه أن يتحمل جزءاً من المسؤولية الاجتماعية والتنموية، بالمقابل، على القطاع العام أن يوفر بيئة مواتية تضمن للقطاع الخاص العمل بحرية وعدالة، مع الحفاظ على مصالح الدولة وسيادتها على القطاعات الاستراتيجية.
فلقد أثبتت التجارب العالمية الناجحة في هذا المجال، مثل نموذج الشراكة بين القطاعين في الدول الاسكندنافية وألمانيا، أن التوازن هو مفتاح النجاح، حيث استطاعت تلك الدول أن تطلق العنان للابتكار والاستثمار الخاص مع الحفاظ على مبادئ العدالة الاجتماعية عبر سياسات شفافة وضوابط صارمة تمنع سيطرة المتنفذين وتضمن الاستفادة القصوى من إمكانيات كل قطاع.
اليوم، بات من الضروري على الدولة الأردنية، إعادة تقييم شكل العلاقة بين القطاعين، بحيث يجب أن تُبنى هذه العلاقة على أساس تكاملي، بعيداً عن المفاهيم التقليدية التي تعطي طرفاً اليد العليا على الآخر، وذلك لأن تحقيق هذا التوازن هو ما سيضمن تنمية مستدامة قائمة على التنافسية العادلة والعدالة الاجتماعية.
وعلى القطاعين العام والخاص ادراك أن الشراكة الحقيقية ليست مجرد شعار اقتصادي، بل هي التزام وطني ومسؤولية مشتركة بينهما لتحقيق نهضة اقتصادية شاملة تخدم المواطن والدولة على حد سواء.
مدار الساعة ـ