المطالبة بإصدار «عفو عام» للمرة الثانية في أقل من عام فيه نوع من «الاستخفاف والشعبوية» وتشجيع على الإجرام وارتكاب المخالفات واستسهالها؛ فهل يعقل ان يصبح العفو العام موسمياً يقرّ في كل عام، وما الفائدة إذن من وجود القوانين والمحاكم؟ أم أن «العفو العام» أصبح طريقاً جديداً للشعبويين؟
المطالبة بـ"العفو العام» هذه المرة فيه نوع من الاستسهال وتبسيط للجريمة، فتخيل ان المجرمين لن يقلقوا بعد الآن من العقوبة ومدة المحكومية ولا بالعقوبات المالية الناتجة عن «المخالفات» و"التطاول» على القانون ما دام هناك متبرعون وشعبويون باتوا يتعاملون مع اصدار قانون للعفو العام على انه امر سهل وليس ذا قيمة ويمكن ان يصدر كلما طلب ذلك وبحسب ما يطلبه المستمعون.
الواقع يقول ان اصدار «عفو عام» لمرتين في اقل من عام امر معيب في دولة القانون والمؤسسات، فكم من شملهم العفو العام السابق عادوا واخطأوا وارتكبوا نفس المخالفات والجرائم، كما ان «العفو العام» امر غير محبذ ويشجع على الجريمة وارتكابها ومخالفة القوانين والاجراءات والانظمة، والاهم اننا دولة تعتبر من اهم الدول في تطبيق القانون ومن اكثرها عدالة وامنا مجتمعيا.
انا شخصيا ضد ان يتم التعامل مع «العفو العام» باستخفاف من قبل من يطالبون به، وارفض ان يوضع العفو في مكان المساومة والابتزاز من اي كان، فلا يجوز لمن يحمي القانون ويقره ان يسمح لاي احد بالتطاول عليه كما لا يجوز اشعار المواطنين باستسهال اصدار «العفو العام» والا نكون بذلك نشرع الغاب وعدم احترام القانون او الخشية منه مستقبلا ممن يرتكبون الجرائم.
في المملكة صدر وعلى مدار الخمس والعشرين سنة، اربع مرات «عفو عام»، وتحديداً بالعام 1999 والثاني في العام 2011 وفي العام 2019 وكان آخرها في العام 2024، الامر الذي يعني ان اصدار عفو عام يتم على فترات متباعدة وليست متلاحقة وبنفس العام كما يريد البعض الآن، ما يعني ان اصدار قانون عفو عام للعام 2025 سيكون الخامس على مدار السنوات الماضية والثاني في اقل من عام، فهل يعقل ذلك؟
خلاصة القول؛ إن اصدار عفو عام مرتين في اقل من عام يعني اننا بتنا نستسهل اصداره ونسهل الجريمة ونعمم ظاهرة خطيرة في المجتمع، والاهم اننا نعطي المجرمين ومخالفي القانون ضوءا اخضر لكي يرتكبوا الجرائم ويخالفوا القانون ما دام هناك من يطالب به، لهذا انا بالتأكيد ضد اصدار عفو عام بهذه السرعة ولمجرد ان البعض يبحث عن شعبويات على حساب المجتمع وسيادة القانون.