لن يكون عام 2025 عاما اقتصاديا سهلا على الحكومة التي ستواجه جملة من التحديات التي تتطلب تضافر الجهود كافة للتعامل معها وتحقيق المستهدفات حسب خطة الدولة المالية للعام الجديد. لعل أبرز التحديات هو تحقيق الإيرادات المتوقعة في مشروع قانون موازنة 2025، والتي افترضت نموا في الإيرادات العامة بنسبة 9.4 %، وزيادة في الإيرادات الضريبية بمقدار 805 ملايين دينار. وهذا الأمر يتطلب تشددا عاليا في الإجراءات الإصلاحية المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي، ولتحقيق هذه الفرضيات يستوجب تعاونا وتفهما من كافة الجهات الحكومية، خاصة وأن بعض بنود الضريبة، كضريبة السيارات على سبيل المثال لا الحصر، تعرضت لضغوطات واستنزاف كبير في عام 2024 نتيجة لقرارات معدلة على القرار الأصلي برفع الضريبة الخاصة على السيارات الكهربائية، مما يجعل تحقيق المستهدف من هذه الضريبة في هذا القطاع تحديدا يواجه صعوبات نسبية. وهنا ننصح الحكومة بالكف عن التصريح بأنه لن يكون هناك أي زيادة في الضرائب أو الرسوم في عام 2025، وهو أصلا ما نص عليه مشروع قانون الموازنة، لكن على الحكومة أن تحفظ خط الرجعة. فالمتغيرات الإقليمية والمالية متسارعة، وتأثيراتها على الشأن الاقتصادي عميقة، ومن المفترض ألا تكرر الحكومة الحالية سلوكيات الحكومة السابقة بالتعنت المتواصل في عدم فرض الضرائب والرسوم، وعندما وقعت الواقعة وتراجعت الإيرادات لأسباب مختلفة، واصلت تعنتها وتأخرها في اتخاذ الإجراءات المالية الضرورية لوقف النزيف في الخزينة، الأمر كلف أكثر من 400 مليون دينار، وما تزال تداعيات تأخر اتخاذ الإجراءات في الوقت المناسب تؤثر على الخزينة والقطاع الخاص حتى يومنا هذا. عام 2025 سيشهد تحديا استثماريا حقيقيا في ترجمة مذكرات التفاهم الاستثمارية لمشاريع كبرى كمشروع الناقل الوطني والسكك الحديدية إلى مشاريع قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، ومواجهة كل التحديات التي تحول دون وضعهما على سكك التنفيذ الفعلي، لما لهما من آثار كبيرة ومباشرة في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي، وتعزيز بيئة الاستثمار، بالإضافة إلى دورهما الكبير في رفد الاقتصاد الوطني بمعدلات نمو مستدامة قابلة للزيادة. إدارة الملفين المائي والمالي في عام 2025 ستكون محط أنظار المراقبين والمانحين أيضا، بسبب التحديات التي تواجه هذين الملفين الحساسين. فالمتأخرات الحكومية للقطاع الخاص في تزايد، وتحتاج إلى خطة لسدادها، أما الوضع المائي، فلا يقل خطورة عن المالي بسبب الانحباس المائي الذي تعاني منه المملكة. الدين العام سيكون هو الآخر تحت المراقبة، خاصة مع التوقعات بارتفاعه إلى أكثر من 46.4 مليار دينار، أو ما نسبته 116 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025 ، إضافة إلى بلوغ خدمة الدين مستويات قياسية هي الأخرى (2.2 مليار دينار). الاستثمار وجذب مستثمرين جدد وتعزيز العلاقة مع المستثمرين القائمين، سواء المحليين أو الأجانب، يمثلان ملفًا في غاية الأهمية ويتطلبان إدارة رشيدة تحقق القيمة المضافة للاقتصاد الوطني. والأمر لا يختلف أيضا في ضبط العلاقة بين الحكومة والنواب، التي تشير بعض المؤشرات إلى أنها تسير باتجاه غير سليم، مما يشكل ضغوطا اقتصادية واجتماعية على الخزينة. الحكومة مطالبة بأن تكون أكثر جدية في سلوكياتها وإجراءاتها، والابتعاد قدر الإمكان عن الشعبويات التي لا تغني ولا تسمن من جوع. ففي النهاية، عملية الإصلاح يجب أن تترجم إلى أرقام، وهذا ما سيطلع عليه صندوق النقد الدولي في مراجعته القادمة.
تحديات اقتصادية في 2025
مدار الساعة (الغد الأردنية) ـ