كلما صدر تقرير لديوان المحاسبة ، ثار التساؤل الخاص عن الجهات الرقابية في مؤسساتنا ، الهذا الحد وصلنا في ظل كل الملاحظات الواردة ، ولماذا هي موجودة اساسا ان لم تقم بدورها المناط تشريعيا ، لن نضع رؤوسنا في الرمل ونبكي على الكأس المسكوب .
نعلم جيدا أن وحدات ودوائر الرقابة وجدت لتكون المصحح لمسار العملية الإدارية والمالية والفنية في مؤسسات الدولة كافة ، وما تفنيد أدوارها ومهامها ضمن بنود وقواعد قانونية في تشريعات ملزمة ، الا دلالة واضحةمن صانع القرار بضرورة أن تمارس صلاحياتها ومهامها بكل قوة وصلابة .
فديوان المحاسبة عين الحقيقة ، والشاهد على صحة ودقة وخطأ التصرف المالي والإداري والفني لكل مؤسسات الدولة ، فصفحات التقارير تحمل عجبا عجاب وتؤكد على أن وجوده لم يكن محل صدفة أو ترف ، والتساؤل هنا : أين كانت دوائر ووحدات التدقيق والرقابة في مؤسساتنا عن ذلك ؟ كونها تشترك بذات المهام مع ديوان المحاسبة .
وبالمقابل ، قلما اطلعتنا أو نشرت دوائر ووحدات الرقابة في المؤسسات العامة تقاريرها السنوية عن الوضع العام في المؤسسات ولو مؤسسيا ، وقلما مارست مجالس الحاكمية دورا حول ذلك مثلما يقوم مجلس النواب على سبيل المثال ، لماذا لا تقوم المؤسسات بالمناقشة والاستفسار عن أي موضوع ورد فيه إن وجدت أساسا هذه التقارير ، ولطالما ارتبطت أدوارها في الرقابة على كافة مناحي الأمور ، مالية وإدارية وفنية ، فهل تطابقت تقاريرها مع ما يرد في تقارير ديوان المحاسبة ؟ الإجابة يجب أن تكون نعم في حال التوثيق.
اليوم نحن أمام معضلات كبيرة ، وإذا ما وجدت الأذرع الرقابية المساندة للعمل العام ، سنكون في مأمن في إجراءاتنا وممارساتنا الفضلى في كافة الاتجاهات ، وإذا ما غابت ، غاب الالتزام وسادت الفوضى غير المسؤولة ، وساد الشعور بشيء من اللامبالاة ، التي ستنتج مؤسسات تدار بعقلية المصالح والمجاملات .
اليوم رقابيا ، نحن مطالبون بالإنتشار في كل مكان في مؤسساتنا ، فمهامنا وصلاحياتنا تنحصر في هذا الجانب ، فمن من غير المعقول أن تشترك هذه الدوائر والوحدات في صنع القرار في أي مؤسسة ، ولا ضير من الاستئناس برأيها في بعض الجوانب وليس في كلها من باب المشورة ، لأن عكس ذلك يعزز من مفهوم البيروقراطية المقيتة ، التي أصبحت مؤخرا سمة مؤسساتنا .
السؤال الذي يطرح : هل لدينا دراسة فنية من دوائرنا ووحداتنا الرقابية ؟ بمعنى أن الدراسة الفنية تتلخص في عمر البناء وصلاحيته وحاجته للتحديث والتطوير وغيرها من الأمور الفنية ، وعدم الاستكانة للملاحظات الواردة من الدوائر الهندسية ، لانها جهات فنية تنفيذية وليست رقابية .
والشيء بالشيء يذكر ، هل تدخلت هذه الجهات في تنفيذ الاجراءات والصلاحيات بالشكل السليم ؟ أي أن هذه الدوائر تمارس أدوارا مخفية لدى صانع القرار من خلال تقارير موضوعية ، تستند إلى إجراءات تتسق مع مبررات رقابية ، حول أي ممارسة يرتكبها أي من أصحاب القرار .
أما الجانب الأهم ، فيما يتعلق بالهدر المالي أو الوفرة المالية معايرها ليست بحسن الإدارة الإدارية أو المالية أو الفنية في مؤسسات الدولة المختلفة ، فالشاهد على ذلك ، أن العديد من المؤسسات فيها ما فيها ، ولكن تحتاج لمزيد من المتابعة والتدقيق بشكل خال من التدخلات هنا أو هناك .
كما أن على صانع القرار أن ينأى بهذه الجهات الرقابية عن أي لجنة أو عمل يضعها في باب تضارب المصالح ، فتلك مخالفة صريحة وغير مقبولة ، أن تكون الجهة التي تراقب العمل والمال العام ، جهة تشترك مع باقي الجهات في أي مؤسسة في عمل يتطلب رقابة وتدقيقا على ذلك .
الحاجة اليوم ؛ أن تنحصر أعمال الجهات الرقابية داخل مؤسساتنا في عملها الرقابي ، وأن لا تتحول أدراج وملفات هذه الجهات مليئه ، في توضيح مسألة تختص بها دائر اخرى مثل (المالية او الموارد البشرية أو حتى الخدمات المساندة أو اللوازم ) لأن ذلك انعطافة خطيرة و تغيير مسار العمل نحو جهة الأصل أن تبقى بعيدة عن التداخل في ذلك