ما بين ألم الجراح الناتج عن استمرار العمليات اللاإنسانية الصهيونية ضد أهل غزة، وألم الفقد والحزن جراء استمرار سقوط الشهداء منذ ما يزيد عن العام، فإن فصل الشتاء رغم بركته وخيراته، جاء ليزيد من تحديات أهل القطاع.
الظروف المأساوية التي يعيشها النازحون منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية على القطاع منذ قرابة 15 شهراً، والتي ازدادت صعوبة بدخول فصل الشتاء، باتت تحتم علينا جميعا أن نغير نظرتنا وفكرنا نحو غزة، ونقصد، حول ماذا يحتاج منا أهل القطاع في الوقت الراهن!؟
هذا التساؤل كان الشعب الأردني الوفي بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، أجاب عليه نظرياً وعملياً منذ بدء العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، بعد أن كرس الأردن كل طاقاته لإرسال المساعدات المتنوعة للقطاع للتخفيف عليهم من وطأة الحرب، لجانب الجهود الدبلوماسية على كافة الأصعدة للوصول إلى حل سياسي للأزمة لإيقاف الحرب بصورة نهائية.
وفي هذا المقام لن ننسى الوقفات الاحتجاجية التي عمت الوطن والتي نددت بحرب الإبادة الجماعية في غزة والتي لم ترحم لا كبير ولا صغير ولم تميز بين مسجد وكنسية وبين مستشفى ومدرسة، وبين منزل وخيمة، فالقنابل والصواريخ والمتفجرات كانت وما تزال تضرب كل مكان بلا رحمة، في صورة تعكس أننا نتعامل مع عدو لا أخلاق تضبطه ولا قوانين، ولا يتمتع بأي صفة من صفات الإنسانية.
مواقف الشعب الأردني تجاه الأهل في فلسطين بمختلف القطاعات والمحافظات، ما هي إلا استمراراً لعلاقة تاريخية مرتبطة برباط الدم، لا يقدر أن يمسها أي أحد مهما كان، وهذا ما يدفعنا لأن نقرأ الواقع بصورة عقلانية، فالأخبار التي تصدر من غزة لا تسر عدو ولا صديق، حيث أن فصل الشتاء زاد من معاناة أهل القطاع، وبات علينا أن ندفع بإتجاه الأعمال التي تخفف من تلك المعاناة.
ما نشير إليه، وقد يفهمه البعض من المتحمسين أو المتعصبين على أنه أمر غير مقبول، هو "إلغاء الوقفات الاحتجاجية" في وسط العاصمة عمان وفي المحافظات، وتوجيه تكلفة بدل التنقلات إلى مواقع التجمهر والاحتجاج والمصروفات الأخرى، للصناديق والحملات الداعمة للأهل في غزة الذين باتوا بأشد الحاجة لما يعينهم على برد الشتاء القارص.
وحتى يستشعر من تطغى على عينيه وفكره العصبية غير المبررة، ويرى أن الوقفات الاحتجاجية هي السبيل الوحيد لدعم غزة، نضع أمامه ما صدر من أخبار مأساوية عن معاناة أهل القطاع مع دخول فصل الشتاء. (( أعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، ارتفاع عدد الوفيات بسبب البرد القارص وموجات الصقيع بين النَّازحين الذين دمّر الاحتلال منازلهم إلى 7 وفيات، مؤكداً أن العدد مُرشح للزيادة، كما أغرقت مياه الأمطار الغزيرة، الآلاف من خيام النازحين وأماكن إيوائهم في القطاع ليبقون في العراء تحت المطر والبرد.))
ما يهمنا كأردنيين أن نخفف من معاناة أهل غزة، فالوقفات الاحتجاجية شاهدها كل العالم، بل إن العائلة الهاشمية أوصلت معاناة القطاع لكل بقاع الأرض، والآن فإن المطلوب مع استمرار موجات الصقيع وبرودة الشتاء اللتين تشكّلان تهديداً حقيقياً على حياة النازحين الذين يعيشون معاناة مأساوية نتيجة جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحقهم، أن ندرك أن المساعدات الإنسانية والمساعدات المتنوعة هي التي سوف تعين أهل القطاع لتجاوز تحدي برودة الشتاء وموجات الصقيع القاسية، لذا لنساهم ونزيد من حجم المساعدات التي تعينهم على أوضاعهم، في زمن تهاوت فيه الإنسانية العالمية التي تحطمت على شواطئ غزة بعد أن عجزت المنظمات العالمية ودول العالم عن وقف المجزرة الإسرائيلية بحق أهل القطاع.