الرئيس الأميركي جو بايدن, الذي يستعِد لجمع مُتعلقاته الشخصية, مع اقتراب موعد رحيله عن البيت الابيض, مُسجِلا لنفسه وعليها, انه «ثامِن» رئيس أميركي «يُجبرُ» على الانسحاب من السباق الرئاسي.
ومِن بين هؤلاء «المُنسحِبين» هاري ترومان, (الذي قارفَ جريمة وعار العصور, عندما أمرَ بإلقاء «اول» قنبلة ذرية في التاريخ, على مدينة هيروشيما اليابانية وأتبعها بقنبلة ثانية على ناكازاكي). إذ انه/ترومان تولّى منصب الرئيس, بعد وفاة فرانكلين روزفلت عام 1945، وبعد أن خدمَ ما تبقى من فترة ولاية روزفلت, وفترة ولاية أخرى كاملة، سعى لإعادة انتخابه عام 1952، ومع ذلك، مع انخفاض مُعدلات الدعم له وسط الحرب الكورية، إضطر للانسحاب، وأعلن أنه «لن» يترشح مرة أخرى. لكن حال بايدن تبدو مُختلفة, رغم انه يتشابه في «ارتكاباته", مع?هاري ترومان, إذ كان وما يزال حتى اللحظة شريكا نشِطاً ومُباشراً في حرب الإبادة والتطهير العِرقي والتهجير والتجويع, التي تشنها آلة القتل الصهيوأميركية الفاشية, على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية.
وإذ يبدو ان بايدن لم «يبتلِع» حكاية الانسحاب هذه, على نحو لم يتردّد في الزعم بأنه ليس فقط كان قادراً على إلحاق الهزيمة بترامب (رغم النتائج السلبية التي جاءت بها استطلاعات الرأي), بل خصوصا في التذرّع بأنه إنما أراد المُضي في ترشُّحه لـِ"تسويق رؤيته الديمقراطية». هنا يحق للمرء ان «يبتسِم» إذا ما عزفَ عن القهقَهة, رئيس اميركي يُريد تسويق «رؤيته» عن الديمقراطية, فيما هو ومَن سبقوه وبالتأكيد مَن سيأتون بعده, لا يؤمنون بغير قانون القوة وليس قوة القانون. وهو/بايدن الذي قرّر في موازنة الحكومة الفيدرالية للعام الجد?د, ان تكون مُخصصات وزارة الحرب/البنتاغون نحو ("ترليون» دولار/ 886 مليار دولار تحديداً).
عودة الى فِعل «الندامة» الذي تلاه بايدن.
استعاد الرئيس الأميركي المنتهية ولايته, الأسطوانات المشروخة التي كان ردّدها خلال حملته الانتخابية القصيرة والفاشلة. من قبيل إبداء الأسف لاختياره «ميريك غارلاند» لمنصب المدعي العام/ وزير العدل. عازيا ندمه هذا إلى ما اعتبره/بايدن, تباطؤًا من قِبل غارلاند في مقاضاة ترامب, على خلفية دوره في تمرّد 6 كانون الثاني 2021. رغم ان وزارة العدل، تحت قيادة غارلاند، حاكَمت بـ"قوة» هانتر بايدن، نجل الرئيس. زد على ذلك ان صحيفة «واشنطن بوست", التي أعلَنت وقوفها على «الحياد", في المعركة الرئاسية بين ترمب وكامالا هاريس «قبل ع?رة ايام من فتح الصناديق للجمهور». كشفتْ في 28/12/2024, ما أسمته «تأمّلات» بايدن الشخصية في تقرير مُطوّل، بإشارته بشكل واضح إلى اعتقاده بأنه «أخطأ", عندما قرّر سحب ترشحه في تموز الماضي، وذلك بعد أدائه المُخيّب للآمال في المناظرة الرئاسية مع ترامب. مُضيفة: تنحى الرئيس جانبًا ــ ليحل محله نائبته كامالا هاريس كمُرشحة عن الحزب الديمقراطي ــ بعد ضغوط متزايدة من زملائه الديمقراطيين، الذين استندوا إلى أدلة من استطلاعات الرأي, أشارت إلى أنه كان يتجه نحو هزيمة شبه مؤكدة أمام ترامب، الذي كان يسعى لتحقيق عودة «تاريخية? إلى البيت الأبيض كمرشح عن الحزب الجمهوري.
وإذ يبدو ان الجدل لم ينتهِ بعد في اوساط الحزب الديموقراطي, الذي لحقت به هزيمة موجعة, سواء في الإنتخابات الرئاسية ناهيك عن مقاعد الكونغرس بمجلسيه, التي كانت موضع تنافس حاد, أسفرت عن فوز الجمهوريين بأغلبية النواب والشيوخ أيضاً. خاصة في رصد ما تلى صعود هاريس إلى قمة السباق الانتخابي, واندلاع موجة من الحماسة وتحسّن في أرقام الاستطلاعات، لكنها ــ ورغم تقارب االنِسب بينها وبين ترامب على ما أظهرت مُعظم الاستطلاعات ــ انتهت بهزيمة حاسمة, في كل من المُجمع الانتخابي والتصويت الشعبي. على ما قالت الـ"واشنطن بوست» التي?لفتت الى أنه ورغم حرص بايدن ومستشاريه, على عدم إلقاء اللوم على هاريس، إلا أنهم «يعتقدون»، أن النتيجة كانت ستختلف لو» تمسّك» بايدن بموقفه ولم ينسحب. وهو رأي ــ أردف التقرير ــ يختلف معه العديد من مُؤيدي هاريس، الذين يلقون باللوم على الرئيس, بسبب «تأخره الشديد» في الانسحاب، مما ترك نائبة الرئيس بوقت ضيق للغاية لتنظيم حملة انتخابية فعّالة.
** إستدراك:
يواجه بايدن انتقادات مُتزايدة داخل الأوساط الديمقراطية, بسبب ترشّحه لولاية رئاسية «ثانية»، إذ رأى البعض أن ذلك يتعارَض مع تعهده خلال حملته الانتخابية عام/2020, بأنه سيكون رئيسًا «انتقاليًا»، يمهد الطريق لجيل جديد من القادة الديمقراطيين بعد فترة رئاسية واحدة.
فأي «إرثٍ» مُشرّف وجدير سيتركه بايدن, المُتفاخِر بـ"صهيونيته» وشراكته المُعلنة, مع فاشيِّي اتل أبيب, في حرب الإبادة والتطهير العِرقي والتجويع؟.
kharroub@jpf.com.jo