القرار الأخير الصادر عن مجلس الوزراء بخصوص الضريبة على السيارات جاء كخطوة إصلاحية تعيد صياغة السياسات الضريبية السابقة في قطاع المركبات، بهدف تحقيق العدالة الضريبية وتحفيز السوق المحلي ودعم الاقتصاد الوطني.
القرار الذي يمثل تحولا جوهريا، جاء ليصحح الاختلالات التي خلقتها السياسات السابقة، وليضع نهجا أكثر استدامة وتوازنا يخدم مصالح المواطن والمستثمر على حد سواء، حيث تميز بالتدرج في تطبيق الضرائب، وهو ما يتيح للسوق والمستهلك التكيف مع التغيرات دون إحداث اضطرابات.
إن تحديد نسبة الضريبة الخاصة على المركبات الكهربائية ضمن الفئة الأولى بـ10 % جاء ليتيح للمواطنين فرصة اقتناء سيارات كهربائية بأسعار معقولة، خاصة تلك التي تقل قيمتها عن 10.000 دينار.
وهذا التوجه يهدف إلى تشجيع التحول نحو السيارات الكهربائية، مع ضمان بقاء الأسعار في متناول يد شريحة واسعة من المواطنين، كما أن الرفع التدريجي للضرائب على المركبات ذات الفئات الأعلى يعكس رؤية اقتصادية واعية تراعي التوازن بين تحفيز السوق وزيادة الإيرادات.
وبالنسبة للمركبات التي تتراوح قيمتها بين 10.000 و25.000 دينار، فإن تثبيت الضريبة عند 30 % يمثل قرارا عمليا يوازن بين مصلحة الحكومة والمستهلك، فالقرار الجديد يُظهر وعيا بأهمية التدرج في الإصلاح الضريبي، خاصة أن النسبة كانت سابقا 40 %، مما مهد الطريق لاتخاذ قرارات أكثر توازنا وواقعية.
أما المركبات العاملة بالبنزين، فقد حمل القرار معها إصلاحا ضروريا للسياسات السابقة، إذ ان تخفيض الضريبة الخاصة وضريبة المبيعات إلى 70 % بعد أن كانت 96 % يعكس تفهم الحكومة لاحتياجات السوق والمستهلك، فهذا التخفيض لا يعزز فقط من قدرة المواطنين على شراء سيارات البنزين الحديثة، بل يسهم أيضا في تحسين كفاءة استهلاك الوقود وتقليل الأعباء المالية المرتبطة بامتلاك السيارات.
جانب الترخيص كان من أبرز النقاط الإصلاحية التي تضمنها القرار، إذ ان التخلي عن نظام الترخيص القائم على سعة المحرك واستبداله بنظام يعتمد على قيمة المركبة يعد تحولا جذريا يحقق العدالة بين مالكي المركبات، فالنظام السابق كان يفتقر إلى الإنصاف، حيث لم يكن يميز بين الفئات المختلفة للمركبات.
اليوم، أصبحت الرسوم تعتمد على نسبة محددة من قيمة المركبة، سواء كانت تعمل بالبنزين، الهايبرد، أو الكهرباء، هذا التوجه يضمن أن من يدفع رسوما أعلى هم مالكو المركبات ذات القيمة الأعلى، مما يعزز الشعور بالعدالة بين المواطنين. القرار الأخير يمثل نموذجا ناجحا للإصلاح الضريبي، حيث يجمع بين تخفيف الأعباء عن المواطنين، تعزيز العدالة الضريبية، وزيادة الإيرادات الحكومية بطرق مدروسة، كما أنه يعكس التزام الحكومة بتصحيح أخطاء السياسات السابقة، وبتبني نهج اقتصادي جديد يوازن بين مصالح جميع الأطراف. وبنظري، هذه الخطوة ليست مجرد إصلاح للضرائب، بل هي إعلان عن رؤية مستقبلية تهدف إلى تحقيق الاستدامة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية.