أخبار الأردن اقتصاديات مغاربيات خليجيات دوليات جامعات وفيات برلمانيات رياضة وظائف للأردنيين أحزاب مقالات أسرار ومجالس تبليغات قضائية مقالات مختارة مستثمرون جاهات واعراس الموقف شهادة مناسبات مجتمع دين اخبار خفيفة ثقافة سياحة الأسرة طقس اليوم

الوريكات يكتب: المحاسبة وحقيقة الكارثة


عبد المنعم الوريكات
عقيد متقاعد

الوريكات يكتب: المحاسبة وحقيقة الكارثة

مدار الساعة ـ
لا يخفى على كل من عمل في القطاع العام والحكومي أو في أي مؤسسة حكومية أن موضوع الرقابة والتفتيش هو عمل روتيني ومُبرمج ضمن مواعيد سنويه ونصف سنوية وربعية ومُفاجئة حسب الضرورة، وحسب رضى الجهات العليا عن المسؤول الأول في الجهة المرغوب التفتيش والتدقيق على عملها
ما يحدث باختصار، أنّ اللجان التفتيشية مهما كانت دقيقة فإنّها لن تستطيع معرفة جميع الأخطاء، سواءً المقصود منها أم غير المقصود، وذلك بسبب حجم التفاصيل ومهارة الفاسدين في الكثير من الأحيان، ثم أن هناك الكثير من الأخطاء سيتم التغاضي عنها نتيجة الواسطة والمعرفة بحجة أنها بسيطة ولا تستحق أن يتم ذكرها رسمياً مع بعض الوعود بإصلاح الأخطاء فوراً
بعد ضياع الكثير من الأخطاء وعدم ذكرها تأتي المرحلة التالية، حيث تجتمع اللجنة في نهاية اليوم مع مسؤول المؤسسة الحكومية وتبدأ مناقشات ودّية تشتمل على الكثير من النفاق والمداهنة والأعذار، ليتم تصفية بعض الأخطاء لعدة أسباب منها الوعود بالإصلاح الفوري، وعدم جدوى رفعها رسمياً، وأحياناً قِدمها، ثم تأتي مرحلة التصفية الثنائية بين رئيس اللجنة والمسؤول، وتكون النتيجة فيها إما بالواسطة والمحسوبية وإما بالهدايا القيّمة
في المرحلة النهائية تقوم اللجنة بكتابة تقرير مفصل عن جميع الأخطاء والمخالفات والتجاوزات في المؤسسة للجهات الحكومية المختصة، ليتم تصنيفها وتبويبها وجمعها وتوحيدها، ناهيك عن عمليات التجاهل التي تتطلب تدخل مسؤولين من العيار الثقيل، ليخرج التقرير النهائي الشامل لكل مؤسسات الدولة إلى الجهات المختصّة
في هذه المرحلة تقرر الجهات المختصّة عدم إدراج بعض القضايا في التقرير وبقائها ضمن دائرة ضيّقة، بعيداً عن الرأي العام، لحساسيتها أو حساسية المؤسسات التي حصلت فيها هذه التجاوزات، ليخرج إلى الرأي العام تقريراً شاملاً عامّاً بعيداً عن أي تدخلات مهما كانت الأسباب لتحقيق المصلحة العامة ولغايات الشفافية والنزاهة التي تدعهما الدول
يبدأ الشارع بتداول المعلومات التي اشتمل عليها التقرير، مشدوهاً من حجم التجاوزات ومن حجم الفساد والجرأة على المال العام، متغنّياً بطريقة عمل الرقابة وأجهزتها ومدى حرفيتها، لكن ماذا بعد ذلك؟! هل توجد محاسبة المخطىء والفاسد؟! وهل يتم إصلاح الأخطاء؟! وهل يتم استرجاع الأموال العامة التي هي مُلك للشعب والدولة؟! وماذا عن الأخطاء التي تم فلترتها وتصفيتها لكثير من الأسباب؟! وماذا عن التجاوزات التي آثرت الجهات المختصة عدم معرفة الرأي العام بمضمونها؟!
مدار الساعة ـ