مدار الساعة - يمكنك أن تصنع فيلماً عن سقوط بشار الأسد يبدأ بالجملة التالية: "هذا الفيلم مبني على أحداث حقيقية". فما سنكشفه لك في هذا التقرير من معلومات حصلت عليها مدار الساعة من مصادر بعضها وقف عن قريب على الأحداث وآخرين كانوا مشاركين فاعلين فيها.
نحن بصدد نقل ما جرى خلال الساعات الأولى من الهروب الصغير للرئيس المخلوع بشار الأسد الذي اطلعنا عليه من شارك في بعض أحداثه.
مصدر معروف ومطلع سرد لمدار الساعة ما وقع فجر الهروب: ففي المشهد الأول شخص ملثم يقود سيارة "فولكس فاغن" يخرج من القصر الرئاسي.
- بعتنا يا ابن...(....)
جملة لم يكن أحد يصدق أن تُقال لسائق الفولكس صباح يوم الأحد لكنها قيلت له..
الجنود الذين حول سيارة الفولكس فاغن أرادوا قتل متلفظها، لكن قائدهم منعهم فقد خشي أن ينتبه أحد الى الفولكس فاجن:
- اتركوه..
قال ضابط وغادرت السيارة مسرعة.
لم يكن السائق إلا بشار الأسد. خرج ولم يعد. خرج ولم يرَ لاحقاً إلا في موسكو.
يقول المصدر المعروف جداً، غير انه طلب من مدار الساعة عدم كشف اسمه: كانت الساعة حينها تشير الى الثانية والنصف فجر يوم الأحد.
وبحسب ما كان يعتقده حرس الرئيس المخلوع كما يقول المصدر - أن الهدف هو الانطلاق إلى طرطوس. البقاء فيها وقيادة المقاومة. لكن الاسد غادر إلى غير رجعة. خرج ولم يعد.
المفارقة – على حد وصف مصدر مدار الساعة - ان احدا لم يكن يعرف حتى الان ما يجري. حتى شقيقه ماهر الاسد. ماهر عرف بهروب الاسد في الساعة 4 فجر الأحد. أي بعد مشهد الفولكس فاجن بساعة ونصف. حينها كان يعد ماهر نفسه للقتال ومن معه. هو الآخر بعد مشهد الفولكس اختفى.
حدد المصدر حينها الساعة بالثانية والنصف. يقول هو التوقيت الدقيق لسقوط الاسد. سقوط دمشق. بدء حقبة جديدة للشام. لكن أحدا لم يكن يدرك هذا حتى مقاتلو المعارضة أنفسهم، وكل استخبارات العالم. كان الظن ان الامر قد يستغرق فتنة وقتالاً ودماء كثيرة.
يقول المصدر: دعونا نكون أكثر دقة. لم تسقط دمشق الساعة 2:30 من فجر الجمعة. بل سقطت يوم سقطت حلب.
يصف المصدر سقوط حلب بالقول لا يبدو مفهوماً لدى الكثير من الذي كانوا مقربين من النظام السوري. شيء ما تغير فجأة.
لكن ذات المصدر يعقّب: من يعلم حال الجيش السوري يعلم أن الجنود كانوا في حالة يرثى لها حتى في مسألة الطعام. الجندي السوري في ذلك الوقت كان جندياً جائعاً. فكيف حاله في المسائل الاخرى؟
هذا عن الجيش. أما عن القصر – يقول مصدر مدار الساعة - فذاك في المصيبة اكبر. قبل ان تقتل لونا الشبل اعترفت: لست وحدي من اتعامل مع اسرائيل. اسماء الاسد أيضاً.
بحسب المصادر: صدم المحققون بالاسم.
- من؟
- اسماء الاسد
اسماء الاسد كانت تتعامل مع اسرائيل فبعد فحص جهاز الحاسوب لديها بعد وشاية لونا عثر فيه على رسائل متبادلة بينها وبين الاسرائيليين.
كان قصر الاسد منخوراً عمالة. لجهات عدة وليس لجهة واحدة. كل يريد ان ينجو بنفسه او كل يريد ان يستفيد اكثر. فكيف ينتظر من هذا حاله، بحسب المصادر.
لكن دعونا من هذا. فعسكريا كانت الدفاعات حول مدينة حلب معدّة من أجل التصدي لأي هجوم مهما كانت قوته، وهذا ما زاد من عجب المصدر.
فما الذي جرى حتى انهار كل شيء. لم يعد أمام جنود الجيش االسوري سوى الهرب. هربوا جميعا. تحت عنوان اعادة الانتشار، أو الانتشار التكتيكي. استمر التكتيك في الهرب حتى سقطت دمشق نفسها.
تريدون الحق؟ يقول المصدر: لقد سقطت دمشق مرات وليست مرة. سقطت يوم دخل المجاهدون حلب. وسقطت دمشق عندما دخل المقاتلون حماة وسقطت عندما دخلت قوات المعارضة حمص. اما عن حمص فعندما سقطت المدنية.. خلص.. رأى الجميع سقوط دمشق بأم أعينهم.
ربما الامر يتعلق بعدم رغبة الجنود في القتال. من أجل من يقاتلون؟ علّقنا أمام المصدر. كعصا سحرية انتهى كل شيء ما أن بدأت تطلّ دراجات مقاتلي المعارضة في ريف حلب.
أقر المصدر بذلك وقال: حتى بات دخول دمشق مسألة وقت. لكن حتى ذلك الحين لم يكن الامر واضحا لاحد. حتى للمقاتلين من كلا الطرفين.
هنا بدأ بشار يشعر بالخطر؟
تركيا كانت تريد مساحة جغرافية لترحيل اللاجئين السوريين، فيما كان القائد العام احمد الشرع عينه على حلب. سقطت حلب. حماة أيضا سقطت وسقطت معها حمص. الان نحن على ابواب دمشق. ومن هنا يبدأ مصدرنا في الحديث.
"بسام.ف" - وهو شخصية غامضة لعب دورا بارزا في الاحداث – هاتف شخصية مقربة من بشار الاسد تقيم في طهران. وتخبره ما قال انها خطة المعارضة لالقاء القبض على الاسد. حيا او ميتا.
- المعارضة جهزت سيدي الرئيس طائرات شاهين متطورة من أجل قصف القصر.
هذه هي المعلومة كان قد أوصلها "بسام.ف" الى الشخصية المقربة من بشار الاسد وتقيم في طهران.
وقبل ذلك؛ بشار الاسد كان قد طلب من عائلته قبل ثلاثة ايام وتحديداً يوم الخميس مغادرة دمشق. غادرت العائلة وبقي هو.
"بسام.ف" اخبر الشخصية الايرانية المقربة من بشار الأسد أن هناك سرباً من طائرات شاهين المسيرة المتطورة سيهاجم القصر وبيت بشار الاسد وان هذا السرب متطور جداً.
حتى ينطبق المشهد على الاسد يعلن الجيش السوري في دمشق اسقاط مسيرتين من نوع شاهين.. وهو ما دفع الى الظن ان المعلومات حول سرب طائرات شاهين صحيحة.
يقول المصدر: هنا تلثمّ الزلمة وطلب سيارة عادية فجلبوا له سيارة فولكس. قادها وانطلق، فيما كانت سيارات امن من بعيد تراقب الفولكس.
ترتب المصادر الاحداث كالتالي:
10:30 مساء السبت طلب الاسد الاجتماع مع صحفيته بثينة شعبان لاعداد بيان ناري يطلب فيه من الجيش الصمود والقتال.
يخبر شخص ما يدعى: "بسام. ف" الشخصية الايرانية المقربة من بشار الأسد، وفجأة يرن الهاتف فاذا باحد يقول شيئا ما لبشار. حينها يترك القصر ويذهب الى البيت المجاور للقصر.
ما هي الا ساعة ونصف في حوالي 12:30 بعد منتصف الليل تصف معلومة ان جماعة المعارضة وصلوا الى عتبات مطار المزة.
ويعلق المصدر: خلص.. هيك انتهى كل شيء. انج بشار فقد سقطت دمشق. فنجا باتجاه موسكو. كيف؟ هذا ما زال لغزا.
ما جرى حقا فهو: إنه امر الله تعالى. لقد قدّر الاسباب جميعها لتفاجئ الجميع. يقال: إن امر الله اذا جاء يأتي فجأة حتى لا يدعي احد الفضل فيه. تتسرب الحبال جميعها منذ الطوفان الكبير، وتتداعى الاحجار فجأة حجراً حجراً.
سواء تلقى الاسد هاتفاً من روسيا، أم لم يتلق. سواء كان مؤتمر الاستانا في الدوحة هو آخر ضربة في لبنة السقوط عندما اتفقت ايران وروسيا وتركيا على عدم مساعدة الاسد عسكرياً؟ سواء جاع جنود الجيش ام شبعوا. كانوا راغبين في القتال المجاني ام لم يرغبوا. سواء ادرك الجميع ان الفوضى التي يعاني منها النظام منذ سنوات وصلت نهايتها، سواء عاقب الايرانيون الاسد على اتصاله مع اسرائيل ام لم تعاقبه، ورفض المشاركة في حرب حزب الله، ورفضه اخفاء قيادة حزب الله في سوريا وعلى رأسهم حسن نصر الله. كل ذلك مهمة لكن المهم اكثر هو ان المعارضة السورية في ادلب كانت تعد نفسها للحدث. ثم جاء طوفان الاقصى فبعثر المنطقة. وفي اليوم التالي من اتفاق حزب الله مع اسرائيل على وقف الحرب خرج اول مقاتل من ادلب باتجاه حلب. فسقط كل شيء.
