... في الأردن نحن لانملك مسرحا قوميا للدولة, ولانملك شركة إنتاج حكومية.. وليس لدينا (أوركسترا) خاصة أيضا.
لكننا في المقابل نمتلك طلال العواملة, والذي استطاع عبر الشركة التي أسسها والده المرحوم (عدنان العواملة) ضخ الملايين في سوق الإنتاج, والقفز عربيا وعالميا.. ووضع شركته (المركز العربي) على رأس كبريات الشركات العربية والعالمية في الإنتاج الدرامي والوثائقي...
نمتلك أيضا نقابة للفنانين, والتي عمل نقيبها محمد يوسف العبادي في مجال الإخراج.. واستطاع في الفترة الذهبية من عمر شركة الإنتاج أن يقدم أعمالا مهمة, ترتبط بالهوية والدولة والبعد الإجتماعي.. ونجحت اللهجة البدوية الأردنية في غزو عالمنا العربي.
نحن نمتلك أيضا (إياد الخزوز) المنتج الذي قفز عربيا, واستطاع أن يغزو شاشات الخليج عبر مسلسلاته التاريخية, واستعان بالراوية الأردنية استعان بغالب هلسه...
نحن نمتلك أيضا..ممثلة مهمة مثل عبير عيسى, والتي بدأت من المسرح وما زالت تحبه, نمتلك جوليت عواد...وقمر الصفدي, نمتلك أنور خليل..والعشرات من الممثلين الذين إذا مشوا في عاصمة خليجية يشار لهم...فقط تابعوا على (التك توك) ما يبث من مقاطع لشايش النعيمي والتي تتعدى مشاهداتها الملايين...والمأخوذة من أم الكروم وأعمال درامية قديمة...وتتفوق على كل ما يسمى بمشاهير السوشيال ميديا, راقبوا مثلا مقطعا (لوليد البرماوي) تجاوزت مشاهداته ال (10) مليون..من رأس (غليص), راقبو زهير النوباني النجم العملاق الذي قدم مع أمل الدباس (كوميديا) اجتماعية راقية وهادفة....وما زالت المشاهد التي يتداولها الناس على (التيك توك) لزهير وأمل تتجاوز مشاهدات برامج قنواتنا المحلية ونجوم السوشيال ميديا وكل السياسين..
نحن نمتلك أيضا أمانة عمان التي أنفقت على الثقافة والفن منذ تأسيس دائرتها الثقافية ما يتجاوز ال (20) مليونا...ولا أكذب إذا قلت أنهم ربما أنفقوا هذا الرقم وحده فقط في بداية الألفية الثالثة عند التحضير لمشروع عمان عاصمة للثقافة العربية...
نحن نمتلك أيضا مهرجانات مسرحية محترمة, تنافس عربيا وتتفوق مثل مهرجان المسرح الحر...والذي يعقد كل عام, ويحظى بحضور تطفح عبره المدرجات بعشاق المسرح والوطن والقضية.
مادام أننا نمتلك كل هذه الأدوات, ماذا ينقصنا في إنتاج سردية للدولة، وفي تصدير مشروعها السياسي وفي عرض سماحة النظام وعرض صورة المجتمع الأردني الكريم والشهم, ماذا ينقصنا في تعريف الشخصية الأردنية دراميا وموسيقيا ومسرحيا؟
الحكومة الحالية وأنا لا أدعي الأمر في إطار الإستنتاج بل سمعته من فم الرئيس شخصيا, يبدو أنها انتبهت أخيرا لهذه القصة..لسردية الدولة وعرض الشخصية الأردنية والدفاع عن تاريخ الأردن السياسي والإجتماعي, وأظنها تحاول الان لململة الأفكار ضمن إطار يركز على انتاج مشاريع في الدراما والمسرح والموسيقى..
حين نقر في لحظة بأن مشروعنا في الإصلاح السياسي قد واجه بعض العقبات..علينا أن نقفز إلى الشخصية, إلى مفهوم السيادة على العقل والوجدان وهذا لايتم إلا من خلال وزارة للثقافة وللتراث القومي..من خلال أيضا دمج كامل العقول الأردنية خلف مشروع واحد..
الدفاع عن الأردن ومشروعه وشعبه ونظامه السياسي لايتم عبر البندقية فقط, بل عبر المسرح والنغم عبر الدراما..عبر ضخ المال وحشد العقول والخبرات, أتمنى أن لا يكون الفن والمسرح والأغنية والنغم..مجرد إكسسوار في المرحلة القادمة, أتمنى أن ننظر لهذه الأمور على أنها أسلحة دفاع عن الشعب والوطن والنظام.