مدار الساعة - في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة التي تواجه الأردن، يبدو من الضروري أن تتجه الدولة نحو تبني نماذج اقتصادية قائمة على الابتكار العلمي والتكنولوجي. من بين النماذج الملهمة في هذا المجال يبرز اسم البروفيسور مأمون حمادشة، الذي قدم للعالم اختراعًا طبيًا ثوريًا يعالج مرض اعتلال عضلة القلب الناتج عن ترسبات أميلويد الترانسثيريتين (المعروف بـ"ألزهايمر القلب"). إن تجربته تُعد مثالاً يحتذى به لتوجيه الاقتصاد الأردني نحو تبني مسارات مشابهة لتحقيق نقلة نوعية في الناتج المحلي الإجمالي.
دروس من نموذج الحمادشة
إن رحلة البروفيسور مأمون حمادشة، التي امتدت لأكثر من عشر سنوات من البحث العلمي المكثف، تقدم رؤية واضحة لاقتصاد يعتمد على العقول الابتكارية والاستثمار في البحث والتطوير. اختراعه، الذي حصل على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، لم يكن مجرد إنجاز علمي، بل أسهم في تحسين جودة الحياة لمئات الآلاف حول العالم، وحقق أرباحًا اقتصادية ضخمة من خلال تسويق الدواء عالمياً.
هذا النموذج، الذي يجمع بين الابتكار العلمي والعائد الاقتصادي، يمكن أن يكون حجر الزاوية لاستراتيجية اقتصادية وطنية جديدة تستهدف تعزيز القطاعات الحيوية مثل الطب، التكنولوجيا الحيوية، والطاقة المتجددة.
تبني نموذج الابتكار: الفرص والتحديات
1. تحفيز البحث العلمي: ينبغي للدولة الأردنية تخصيص موارد أكبر لدعم الجامعات ومراكز الأبحاث المحلية لتكون منصات لإطلاق الابتكارات.
2. الشراكة بين القطاعين العام والخاص: يمكن الاستفادة من تجارب دول متقدمة عبر بناء شراكات مع شركات التكنولوجيا العالمية لتطوير حلول محلية قابلة للتصدير.
3. تطوير المواهب المحلية: التعليم المتخصص وتطوير الكفاءات المحلية هما حجر الأساس لضمان استمرارية الابتكار.
4. التوجه نحو الأسواق العالمية: كما نجح الحمادشة في جعل اختراعه عالميًا، يمكن للأردن أن يركز على تسويق ابتكاراته خارج الحدود لتعزيز الإيرادات القومية.
انعكاسات الابتكار على الاقتصاد الوطني
تُظهر تجارب الدول المتقدمة أن الابتكار هو المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي. في حالة الأردن، يمكن لتبني نهج مماثل أن يرفع الناتج المحلي الإجمالي، ويخلق فرص عمل جديدة، ويضع المملكة على خريطة الدول المصدرة للتكنولوجيا والاختراعات العلمية.
على سبيل المثال، إذا تم الاستثمار في مجالات مثل تقنيات الزراعة الذكية والطاقة النظيفة، فإن الأردن قادر على الاستفادة من موقعه الجغرافي الفريد ومصادره الطبيعية المحدودة لتحقيق الاكتفاء الذاتي وزيادة الصادرات.
من الابتكار إلى التأثير المجتمعي
إن إسهامات الدكتور مأمون حمادشة لم تقتصر على الابتكار الطبي فحسب، بل شملت أيضًا العطاء للوطن، سواء من خلال التبرعات أو دعم التعليم والرعاية الصحية. هذا النهج يمكن أن يكون جزءًا من استراتيجية وطنية تعزز من مسؤولية الشركات والمبتكرين تجاه المجتمع.
ختامًا: دعوة لصانعي القرار
إن نموذج البروفيسور مأمون حمادشة ليس مجرد قصة نجاح فردية، بل هو دليل على الإمكانات الهائلة التي يمكن أن تحققها الأردن إذا ما تم توجيه الطاقات نحو الابتكار. لذا، ندعو صانعي القرار الاقتصادي في الأردن إلى تبني استراتيجية وطنية قائمة على تعزيز البحث العلمي وتشجيع الابتكار في جميع القطاعات.
بمثل هذه النماذج، يمكن للأردن أن يخطو خطوات جريئة نحو اقتصاد مستدام، يرتكز على المعرفة والإبداع، ويحقق الرفاهية لشعبه.