هل يُطلب من الأردن فك الارتباط بالقضية الفلسطينية؟ نظرة في توجيهات أمريكية وإقليمية مطرحه بالساحة السياسية الأردنية في الآونة الأخيرة ضمن موجة من النقاشات والتوجيهات التي تبدو وكأنها تأتي في سياق ترتيبات إقليمية جديدة تتعلق بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي. وفقًا لتقرير صادر عن صحيفة "رأي اليوم" اللندنية، قام مستشارون مقربون من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتقديم نصائح لمسؤولين وسياسيين أردنيين بالتركيز على مصالح المملكة الذاتية في المرحلة المقبلة، بدلاً من الاستمرار في التأكيد على مستقبل القضية الفلسطينية.
تأتي هذه التوجيهات في ظل تطورات إقليمية متسارعة وإبرام العديد من الاتفاقيات بين دول عربية وإسرائيل تحت مظلة "اتفاقيات إبراهيم"، التي هدفت إلى تحقيق تطبيع واسع للعلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، بعيدًا عن الحل الشامل للصراع الفلسطيني.
توقيت هذه النصائح لا يمكن فصله عن الأحداث التي يشهدها الإقليم، خصوصًا أن الأردن، رغم علاقاته المتينة مع الولايات المتحدة والدور المحوري الذي يلعبه في حفظ الأمن والاستقرار الإقليمي، يعاني من تحديات داخلية وخارجية. الضغوط الاقتصادية وتداعيات أزمة اللاجئين، إضافة إلى الأوضاع الأمنية والسياسية في الدول المجاورة، جعلت الاردن يواجه مجموعة من التحديات التي تتطلب إعادة النظر في أولوياته.
في هذا السياق، يواجه الأردن خيارًا استراتيجيًا حساسًا فهل يستمر في الالتزام بموقفه التاريخي كمدافع قوي عن حقوق الشعب الفلسطيني وحل الدولتين؟ أم يجب أن يتبنى مقاربة جديدة تضع مصلحة الأردن الذاتية في مقدمة أولوياته، كما تشير إليه النصائح الأمريكية؟
وبمقارنة الطلب الامريكي الجديدبفك الارتباط القانوني
فأن هذه النصائح تشبه إلى حد كبير قرار الأردن التاريخي بفك الارتباط القانوني والإداري مع الضفة الغربية عام 1988 وقتها، كان الهدف من القرار دعم منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، إلا أن الوضع الآن مختلف، حيث أن فك الارتباط الحالي المقترح قد لا يكون قانونيًا أو إداريًا بل دبلوماسيًا وسياسيًا.
قد يُفهم من هذه التوجيهات أنها دعوة ضمنية للأردن لتخفيض مستوى ارتباطه بالقضية الفلسطينية، وهو ما قد يتعارض مع مواقف سابقة لعمّان التي حافظت على علاقتها الوثيقة بالشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية في مواجهة الاحتلال.
وتتمثل المخاوف والتداعيات المحتملة كون الموقف القومي
الأردني بصفته صاحب الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، لا يمكنه ببساطة الابتعاد عن القضية الفلسطينية دون أن يواجه تحديات داخلية وإقليمية. فالشعب الأردني يتكون من نسبة كبيرة من ذوي الأصول الفلسطينية، وأي خطوة في هذا الاتجاه قد تُفسر على أنها تخلي عن الموقف القومي تجاه فلسطين، ما قد يؤثر على الاستقرار الداخلي ويثير ردود فعل شعبية.
علاوة على ذلك، فإن أي تقارب أردني مع هذه التوجهات قد يضع المملكة في موقف صعب مع حلفائها الإقليميين والدوليين خاصة الدول التي لا تزال تدعم حل الدولتين وترفض اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل دون حل شامل للقضية الفلسطينية.
من الواضح أن المرحلة المقبلة ستشهد تحولات إقليمية عميقة، وسيكون على الأردن أن يتخذ قرارات دقيقة بناءً على مصالحه الوطنية. ومع ذلك، يبقى السؤال مفتوحًا: هل يمكن للأردن فك الارتباط بالقضية الفلسطينية دون أن يفقد دوره التاريخي والمحوري في المنطقة؟