بمناسبة مناقشة الموازنة العامة للعام الجديد، أود أن أشارك هذا المثال الذي يحمل بين طياته رسالة واضحة.
تخيلوا عائلتين تعيشان في نفس الحي، ولكل منهما خمسة أبناء. العائلتان تعملان في نفس المهنة، وتتقاضيان نفس الدخل الشهري. ومع ذلك، فإن حياتهما مختلفة تماماً. العائلة الأولى تجد نفسها دائماً في مأزق. بالكاد يصل دخلها إلى نهاية الشهر إلا من خلال الاستدانة. بيتها بحاجة ماسة إلى صيانة، أثاثها قديم ومهترئ، وأفراد الأسرة يفتقرون إلى أبسط وسائل الراحة. لا يستطيعون توفير شيء للمستقبل، ولا حتى منح أبنائهم فرصة للاستمتاع ببعض الكماليات البسيطة التي قد تُبهجهم.
أما العائلة الثانية، فقصتها مختلفة تماماً. مع أن مواردها مماثلة للأولى، إلا أنها تدير أمورها بحكمة. بيتها مُرتب ومريح، أثاثها متجدد، وأفرادها يتمتعون بقدر من الرفاهية البسيطة التي تجعل حياتهم أكثر سعادة. ليس ذلك فحسب، بل تتمكن هذه العائلة من الادخار والاستعداد للمستقبل، حتى عند حدوث ظروف طارئة.
لكن، ما السر وراء هذا الاختلاف؟ الأمر ليس في الموارد المتاحة، بل في حسن الإدارة والتخطيط. العائلة الثانية تعرف كيف تضع أولوياتها، تفكر في المستقبل، وتحرص على التعاون بين أفرادها. الجميع فيها يشعر بالمسؤولية تجاه المنزل، ويحافظ على ما لديهم. أما العائلة الأولى، فإن سوء التخطيط وغياب التعاون جعل حياتها مليئة بالفوضى والضغوط.
هذا المثال يتكرر في كل حي، بل في كل مجتمع، وهو انعكاس صغير لما يحدث على مستوى الدول. إدارة الموارد ليست مجرد أرقام تُوضع على الورق، بل هي أسلوب حياة. تماماً كما تحتاج الأسرة إلى ميزانية متوازنة، تحتاج الدولة إلى خطة واضحة لترتيب الأولويات، وتقليل الهدر، وضمان أن كل دينار يُصرف يحقق فائدة ملموسة للمواطن.
دولة الرئيس، نحن بحاجة إلى إدارة حكيمة تركز على التخطيط المدروس والإنفاق المسؤول. تماماً كما تفعل الأسرة الناجحة، نحن نطمح إلى موازنة تُعطي الأولوية لقطاعات التعليم والصحة والبنية التحتية، مع تعزيز الرقابة على النفقات لضمان تحقيق أفضل النتائج. هذه ليست مجرد أرقام، بل هي مستقبل أبنائنا وحياتنا اليومية.
نحن نثق أنكم قادرون على قيادة المرحلة القادمة بإدارة حازمة، تُعيد ترتيب الأولويات، وتُحدث التغيير الذي نتطلع إليه. بين يديكم أمانة عظيمة، ونحن متفائلون بقدرتكم على صنع الفرق وتحقيق الأفضل للوطن والمواطن.